المساعي الدولية مستمرة المصالحات والحوار الوطني أبرز الاستحقاقات

مواقع الإرهابيين تتهاوى

كتبنا على صفحات (النور) وأكدنا أن تأييدنا للجهود الدولية لحل الأزمة السورية سلمياً، ينبغي ألا يعفينا من بذل الجهود في الداخل لإنهاء هذه الأزمة، التي تحولت، مع تصعيد الإرهابيين، إلى محنة أليمة أدمت المواطنين وأطاحت باستقرارهم، ورفعت معاناتهم إلى درجة يصعب تصديقها.

فبعد توقّف جولات جنيف 2 واستغلال الأمريكيين والأوربيين لأحداث أوكرانيا بهدف الضغط على روسيا، تخيّل البعض أن المسألة السورية ستخضع لمساومات الكبار، مستخدمين منطق (تبادل المصالح) الذي درجت الإمبريالية الأمريكية على استخدامه في القضايا الساخنة، دون الأخذ بالحسبان مصالح الشعوب.. لكن ما رشح عن الاتصال الهاتفي بين بوتين وأوباما، ولقاء لافروف وكيري، أكد ثبات الموقف الروسي، وقطع الطريق على المشكّكين بأصدقاء سورية وشعبها، كما أكد استمرار الجهود الدولية لحل الأزمة السورية سلمياً، عبر الحوار بين الأطراف الرئيسية.

السوريون بعد توقف جولات جنيف 2 لم يفقدوا أملهم أيضاً بالجهود الداخلية التي تُعدّ أساساً لأي حل لأزمتنا الوطنية، خاصة أن القوات المسلحة السورية وجّهت ضربات قاسية لمواقع الإرهابيين، رغم الدعم الأمريكي- السعودي، وسيطرت على العديد من مواقعهم في القلمون وريف حلب وحمص ودير الزور ودرعا، وشكّل دخول الجيش السوري إلى المناطق القريبة من يبرود، وخاصة إلى الزارة في حمص، مؤشراً على إنهاء سيطرة الإرهابيين على موقع استراتيجي كانوا يستخدمونه لتمرير الدعم العسكري والبشري الآتي من الخارج.

ما يدعونا إلى التشديد على أهمية الجهود الداخلية لإنهاء أزمتنا هو ما برز على السطح مؤخراً من تصدّع في المعسكر المعادي لسورية، الذي فتح خزائنه وترساناته لضخ المليارات والسلاح للمجموعات الإرهابية الإقصائية.. فالسعوديون فقدوا صبرهم على التدخل القطري الإخواني في دول الخليج، فصنّفوا (الإخوان) و(النصرة) و(داعش) ضمن المنظمات الإرهابية.. ولا يمكننا هنا أن نعد ذلك عودة الوعي للسياسة السعودية، لكنها مؤشر واضح على أن محاربة  الإرهاب أصبحت مسألة تستأثر باهتمام إقليمي وعالمي، رغم الدعم الذي تتلقاه المنظمات السوداء من الإمبريالية الأمريكية وشركائها.

هذا التقدم العسكري ترافق مع جهود هيئات المصالحة الوطنية التي تُبذل في عديد المناطق السورية، وأثمرت في بعض المناطق الساخنة نجاحاً للحكمة والتعقّل والاحتكام إلى مصلحة الوطن والشعب، وأدت هذه النجاحات إلى توفير المزيد من الدماء، وعودة قسم من المهجّرين قسراً إلى بيوتهم بعد معاناة طويلة.. وهكذا توصل السوريون دون معونة الخارج وضغوطه إلى أن الهدف الأساسي في المرحلة الحالية هو وقف نزيف الدم السوري، وهذا ما نرى أن تتركز عليه جهود الحكومة والأحزاب الوطنية وجميع القوى الاجتماعية والدينية، بهدف توسيع مبدأ المصالحة وتعميمه، لوقف القتل والتدمير، والتمهيد لبدء الحوار السوري- السوري، بمشاركة جميع الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية والدينية، وبضمنها المعارضة الوطنية.

إن إطلاق سراح الموقوفين، وإحالة المتهمين جنائياً إلى المحاكم، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، سيؤدي إلى دعم جهود المصالحة والحوار، وسدّ الطريق أمام المنتفعين من استمرار نزيف الدم السوري.

لنذهب إلى تعزيز المصالحة والحوار.. (فما حكّ جلدَك مثلُ ظفرك)!

العدد 1105 - 01/5/2024