عيد وحرب

 بهالعيد بدي قدم هدية

لا دهب… لا ورود جورية

طالع ع بالي ضم زهرة وقلب

وقدمن للعيد عيدية

نعم، أريد أن أقدم للعيد في بلادي عيدية، هذا الطفل القادم إلينا، داخلاً بيوتنا بلا استئذان، فارضاً نفسه علينا مهما حاولنا عدم الاكتراث به، نعم، لقد بات بأمس الحاجة إلى العيدية.

في بداية الأحداث المأساوية التي تعصف بنا، منذ خمس سنوات، وعند حلول أول عيد يمر على البلاد حينها، رفضنا أي مظهرٍ من مظاهر الاحتفالات والأعياد، فأنشأنا صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي تحمل عناوين عدة، منها (لا لأي مظهر من مظاهر العيد)، أملاً منا بأن يكون العيد الوحيد الذي يمر على بلادنا وهي تتجرع الألم، ووفاءً لأرواح كل من قضوا حتفهم بأبخس الأثمان، تقديراً لحزن أمهاتٍ وآباء لم يستيقظوا حتى اليوم من فجيعتهم بفقدان فلذات أكبادهم، وانحناءً أمام أطفالٍ دفعوا وما زالوا ثمن حياةٍ ليس لهم بها أيما حلمٍ بمستقبلٍ أو أملٍ بغدٍ…

أما اليوم وبعد مضي هذه السنوات الشديدة القساوة، باتت أرواحنا بأمس الحاجة إلى بعضٍ من فرح، إلى بعضٍ من أملٍ، علّنا نستطيع المضي قدماً في مواجهة كل التحديات التي تعصف بحياتنا سواء على الصعيد المادي الاقتصادي، أو النفسي، أو الاجتماعي، أو.. إلخ، ولذلك فإنني من أكبر الداعين لكل مظاهر الاحتفال، علَّ الشوارع تستعيد بعض ألقٍ فقدته على الرغم من أن انقطاع الكهرباء المستمر لن يجعل فرحتنا تكتمل، علَّ أطفالنا يعيشون لحظات فرحٍ تبقى لهم في الذاكرة زوادةً لما هو آتٍ من الأيام، علَّ أمهات وآباء الشهداء يستردون شيئاً من الروح، علَّ بيوتنا تستعيد ألقها بعيداً عن رتابة الروتين المتواصل الذي نحياه…

وبأمنياتنا في العيد وتهاني كل منا للآخر ندرك أننا ما زلنا على قيد الحياة، بل إننا حينما نحتفل ونتمنى فنحن بذلك نقاوم مقاومةً لا مثيل لها، إننا نتحدى الموت، نتحدى القهر، والظلم، واغتيال البراءة والطفولة من أرواح أبنائنا….

فأهلاً بك يا عيد، وألف أهلاً بك يا أفراح العيد…

أضيئي يا شجرة العيد أكثر فأكثر، وابتهجي.. فمن ألوان أضوائك نستمد القوة والفرح…

وبانتظار هداياك أيها القادم المجهول، العام الجديد، نمتحن صمودنا مرةً أخرى أمام هول الكوارث اليومية المعاشة…

فلنبتهل معاً بأن تُعاد الأعياد دوماً وأبداً، ليس بما هي عليه اليوم، بل أمنيةٌ لأن تكون الأعياد القادمة أفضل حالاً…

فكل عامٍ.. كل يومٍ… وكل لحظةٍ وأنت يا بلادي بكل مكوناتك بألف خير…

العدد 1105 - 01/5/2024