العلاج النفسي الجماعي استطباب للتدخل في الأزمات المجتمعية

العلاج النّفسي الجماعي هو شكل من أشكال العلاجات النّفسية، يختلف هذا المنهج عن العلاج الفردي، في كون العلاج الجماعي موجّه لمجموعة من الأشخاص يعانون من مشكلة أو اضطراب نفسي واحد، أو يشتركون في اهتمامهم بموضوع معين يتعبهم، كما أن هذا النوع من العلاج يوفر جواً منالمؤازرة والدعم للشّخص الذي يعاني من مشكل أو اضطراب نفسي معين من خلال الانخراط مع مجموعة من الأشخاص الذين يواجهون المشكلة نفسها.

وعادة ما يتم العمل، إضافة إلى علاج المشكلة، على العلاقات بين الأفراد، وإكسابهم مهارات أساسيّة في التّكيف مع الأوضاع الضّاغطة، وتحسين الاتصال فيما بينهم. على أن يتم العمل معهم بمقتضى شدة الأعراض والظّروف الاجتماعية المحيطة بهم، فمثلاً من تكون أعراضهم أشدّ حدّة يجري العمل معهم بصورة مباشرة كلاً على حدة بداية للتّخفيف من حدتها، وبعد ذلك يصار إلى العمل ضمن مجموعات وفق:

آلية الدّعم النّفسي، وذلك لمن يواجهون ضغوطاً حياتية نابعة من مشاكل تواجهها العائلة كلها أو أحد أفرادها، إذ يتاح فيها للأشخاص البوح وسماع بعضهم البعض لهمومهم، محاولين حل المشاكل بصورة جماعية بالمشاركة في وضع حلول وفق المعايير المجتمعية للتّكيف، ولكن ضمن وعي جديد بغية تكيّف أفضل مع هذه الضّغوط.

من ضمن التّصنيفات العلاجية الجماعية: التّصنيف وفقاً لمجموعة توعوية حول مواضيع محددة تخص الصّحة النفسية، يكون هدفها وقائياً لا علاجياً، تُستعمل مع الجماعات في ظل خطر ما أثناء الحروب أو الكوارث.

مجموعة علاجية موجهة للمهنيين أو أهالي الطّلبة، أي للأشخاص الذّين يتعاملون مع أشخاص لديهم مشاكل نفسيّة، والمسار المتبع للعمل النّفسي هنا مسار تعليمي تطبيقي يكسبهم مهارات للسّيطرة، على بيئتهم وللتّحكم فيها، في ظل وجود أشخاص برعايتهم لديهم مشاكل نفسيّة شديدة.

مراحل العلاج الجماعي ثلاث وفقاً لعالم النفس مورجان مورجان:

1- المرحلة الأولى وتتضمن:

أ ـ القلق والدّفاعية وتأرجح المشاعر تجاه المعالج.

ب ـ ظهور روح الجماعة.

ج ـ نمو الثّقة وتبادل الخبرات.

د ـ وضوح أنماط الأفراد.

2- المرحلة الّثانية وتتضمن:

أ ـ تفاعل كل فرد بإيجابية ومشاركة، ورؤية نفسه في الآخرين واعترافه بالمشاعر المكبوتة.

ب ـ ظهور التّنافس في الكشف عن المخاوف والقلق والصّراعات.

ج ـ احتمال ظهور عمليات مضادة للعلاج، والاعتماد على الدفاعات.

3- المرحلة الثالثة وتتضمن:

أ ـ الاستفادة من خبرات الآخرين، وتطبيقها على حالة فرد.

ب ـ احتمال حاجة بعض الأفراد إلى علاج نفسي فردي مكمّل.

أساليب العلاج النّفسي الجماعي:

هناك أساليب عديدة لهذه المنهجية العلاجية من مثل:

التّمثيل النّفسي المسرحي (السيكودراما)

التمثيل الاجتماعي المسرحي (السوسيودراما)

العلاج الأسري بالعمل على كشف المشكلات الأسرية ومواجهتها.

محاضرات ومناقشات جماعية ضمن مجموعات متجانسة لنوع الاضطراب مما يمهد لحل مشكلات سوء التّوافق النّفسي.

دواعي الاستطبابات للعلاج النّفسي الجماعي:

هناك حاجة ماسة إلى التّدخل الجماعي مع مجموعات الأطفال أو المراهقين لإنقاذهم من العزلة أو من شعورهم بأنهم ضحيّة، والتّخفيف من حدة ردود أفعال المراهقين المتأذّين من الأزمات وفقدان أحبتهم، ذلك أن التّدخل الجماعي يعمل على رفع معنوياتهم في تقبل الواقع، كما توفر لهم المجموعة العلاجية الجماعية حلولاً لمشاكلهم، بحيث توفر الأرضية العلاجية للأطفال ليتفاعلوا مع الرّاشدين، ومع أطفال آخرين يعانون الآثار النّفسية ذاتها ، مما يسهم في خلق وضعيات جديدة للتحدي بينهم وبين الآخرين. وفي توفير الوقت والمال وعدد المعالجين النّفسانيين.

وهناك ضرورة لإشباع الحاجات النّفسية والاجتماعية للفرد لابد منها في إطار اجتماعي، تلبية للمعايير والأدوار الاجتماعية التي تحدد سلوك الفرد وأدواره في المجتمع. كما أن التّوافق الاجتماعي يرتبط بالتّوافق الشّخصي، ونجد سعادة الفرد في تفاعله الاجتماعي.

هناك معايير لتقدير مدى استفادة الأطفال من العلاج النّفسي ضمن المجموعة من خلال أسئلة معينة:

1- مستوى النّمو النّفسي للطّفل ليتمكن من التّفاعل مع المجموعة العلاجية.

2- شدة الأذية النّفسية عند كل فرد بالمجموعة المفترضة.

3- أساليب تعامل الطّفل مع الضّغوط النّفسية لديه أثناء وجوده مع الآخرين.

4- من المهم أن يكون الأطفال متحمسين للعمل النّفسي العلاجي ضمن المجموعة.

5- أن يكون آباء الأطفال متحمسين أيضاً لهذا العلاج..

6- أن يكون هناك منظور عام للمجموعة يقارب تكوينهم الجماعيحول الاستراتيجية العلاجية للعمل النّفسي الجماعي

تقسيم الوقت بوضوح ما بين فترة النّشاط وفترة المناقشة للنّشاط النّفسي الجماعي.

محاولة المشاركة الدّائمة في الحديث بين أفراد المجموعة لمنع الصّمت واستمراره.

الحديث في المجموعة موّجه لكل فرد، وليس حديثاً جماعياً

يتوجب التدخل فوراً لمنع النّزاع أو عملية إعداد كبش الفداء.

العمل على إشراك الأشخاص المعزولين.

لفت انتباه كل أفراد المجموعة إلى مواطن القوة والتّغيرات الموجبة.

من الإجراءات المهيّئة ليكون للعلاج النّفسي الجماعي فعّالاً:

التّخطيط الدّقيق للمجموعات من قبل فريق العمل النّفسي، من حيث وضع تصور لخطة العلاج ومدته وتصميم الجلسات وإدارتها، وإمكانية العلاج في المجموعة من كلا الجنسين أو من جنس واحد.

الحفاظ على جو الأمان داخل المجموعة، وذلك بأن يتم إخبارهم وفق مقتضيات لا تثير لهم قلقاً إضافياً، فبهذين الإجراءين تكون مفاتيح النّجاح والشّفاء لأعضائها، وتستطيع المجموعة الجيدة أن ترفع معنويات أفرادها وتتعامل معهم تعاملاً ناجحاً رغم وقوعهم تحت تأثير الصّدمات.

العدد 1105 - 01/5/2024