لسنا مع أي استثمار أجنبي… يا هيئة الاستثمار!

أصدرت هيئة الاستثمار في شهر آذار 2014 تقريراً حول الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية FDI تحت شعار (آفاق من الاستثمار المنجذب للموارد، إلى الاستثمار الباحث عن الكفاءة). وجاء في هذا التقرير الذي يغطي الاستثمار الأجنبي المباشر البالغ  نحو مليار ونصف مليار دولار عام 2010 شموله 241 شركة، وأن الحصة الكبرى ذهبت إلى قطاعي الغاز والنفط بنسبة تجاوزت 63%، في حين حظي قطاع الصناعة بنسبة 23%، والقطاع المالي 11%.كما تبين من التقرير أن الحجم الأكبر من الاستثمارات جاءت من دول الاتحاد الأوربي. ويطالب التقرير بإزالة معوقات الاستثمار الأجنبي المباشر بغض النظر عن نوعيته..ومصدره وأماكن توجهه، ومحاولة توجيهه حسب متطلبات الوضع الاقتصادي السوري.

في العقد الماضي تساءلنا في (النور):ماذا أراد بعض مسؤولي الاقتصاد في الحكومات السابقة من الاستثمارات المحلية والأجنبية؟ وإلى أي قطاعات سعوا إلى توجيهها؟ لكن الإجابة كانت ملتبسة دائماً.. ومراوغة دائماً.

منذ إعادة هيكلة الاقتصاد السوري وفق اقتصاد السوق في عام 2000 عملت الحكومات المتعاقبة على تشجيع الاستثمارات بجميع مسمياتها على توظيف الأموال في قطاعات الاقتصاد السوري، استناداً لمبدأ التعددية الاقتصادية، ورغم ما جاء في المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2007 الناظم لعملية الاستثمار من عوامل جذب للاستثمارات، وتشميل 2495 مشروعاً بين الأعوام الممتدة بين 2001و 2009 بلغت تكاليفها الاستثمارية نحو تريليون و550 مليار ليرة سورية، فقد احتلت سورية المرتبة 137 عالمياً في مؤشر سهولة الأعمال عام 2009 متقدمة من المرتبة 140 عام 2008 كما احتلت المرتبة الحادية عشرة من أصل 18 دولة عربية في استقطاب الرساميل الأجنبية البالغة نحو 80.7 مليار دولار عام 2009 إذ استقطبت نحو  مليار  ونصف  مليار دولار.

الحكومات السابقة أحجمت عن توجيه هذه الاستثمارات نحو القطاعات المنتجة، فهي استثمارات لمجرد دخولها الأراضي السورية، وهي استثمارات حتى إذا كانت تنتج (زيت الخروع والشامبو)، وهي استثمارات حتى إذا راحت تضارب بأسعار الأراضي والعقارات! وتقيم الجزر العقارية والسياحية المخصصة للنخبة.

لسنا مع أي استثمار أجنبي مباشر مهما كان نوعه.. أو مصدره.. وأماكن توجهه، كما جاء في تقرير هيئة الاستثمار. نحن مع الاستثمارات التي تأتي من المستثمرين الوطنيين والعرب والأجانب لتعيد إنهاض صناعتنا الوطنية التي نعدّها مع الزراعة قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاجها بلادنا.. الاستثمارات التي تساهم في إعادة تشييد البنية التحتية التي كانت هدفاً لهجمات الإرهابيين. لقد ذكر السيد رئيس مجلس الوزراء منذ أيام أن الدول الصديقة وتلك التي ساندت سورية في محنتها القاسية لها أولية في الاستثمارات التي ستساهم في إعادة إعمار بلادنا.

كلمة السر في جدوى الاستثمارات هو تدخّل الدولة، لتوجيه هذه الاستثمارات وفق الخطط الاقتصادية والاجتماعية الحكومية.هذا ما عبرت عنه دروس الأزمة الاقتصادية العالمية التي هزت الاقتصادين الأمريكي والعالمي في خريف عام 2008 وهذا ما أظهرته تجربتنا مع الاستثمارات الأجنبية خلال الأزمة التي عصفت ببلادنا.

العدد 1105 - 01/5/2024