فرنسا.. أي عهر سياسي يا هولاند؟!

قالت مصادر غربية لصحيفة (الحياة) اللندنية- السعودية، إن اجتماعاً أمنياً رأسه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، توصل إلى اعتبار الرئيس بشار الأسد (مصدر الجذب الأساسي للجهاديين والمتشددين الذين يتدفقون إلى سورية، وأن بقاءه في منصبه سيجذب المزيد منهم، وهو أمر يثير قلقاً في عواصم غربية عدة)، وأن هذا الاجتماع الأمني توصل أيضاً- انتبهوا لغرابة هذا الاستنتاج- إلى ضرورة رحيل الأسد الذي يؤدي بقاؤه في منصبه إلى جذب أعداد متزايدة من هؤلاء المتشددين.

لا نذكر مرحلة زمنية في تاريخنا المعاصر، انحدرت فيها السياسة الفرنسية إلى هذا المستوى من الضحالة، والابتعاد عن ألف باء السياسة، بل الابتعاد عن الحدود المعروفة للمنطق. فبدلاً من مكافحة الإرهاب الإقصائي الذي تمثّله المنظمات القاعدية المتسللة إلى سورية، يطلب هولاند رحيل رئيس الدولة التي تتعرض لهذا الغزو (القاعدي)، مراعاة لهؤلاء القتلة وخوفاً من تشظي الإرهاب إقليمياً ودولياً.

لندقق قليلاً في موقف هولاند ومجلسه الأمني:

1- إنهم يعترفون بتدفق الإرهابيين إلى سورية.

2- إنهم يتخوفون هم وشركاؤهم الأوربيون من الإرهاب الآتي إلى أوربا، مع عودة هؤلاء (الثوريين) (القاعديين).

هذه المقدمة أوصلت هولاند إلى النتيجة المغرقة في (منطقيتها) للخلاص من الذعر الذي يمثله هؤلاء.. ولضمان عدم تدفقهم إلى سورية، على الرئيس الأسد أن يرحل ويسلّم مقاليد الحكم إلى عصابات تكفيرية إرهابية كي تحول سورية إلى قاعدة متقدمة للإرهاب الدولي.. وهذا لا يخيف لا هولاند ولا الأوربيين!

كيف انحدرت السياسة الفرنسية إلى هذا المستوى المنحط أخلاقياً وسياسياً؟ وهل يتوجب على المجتمع الفرنسي المتخوف دائماً من ازدياد الهجرة المغاربية إلى فرنسا، وتزايد عدد المسلحين الذين يعانون (حسب التعبير الفرنسي) من مشاكل الاندماج، أن يعلن العودة عن علمانية الدولة الفرنسية، وتبني الديانة الإسلامية كي يزول تخوفهم هذا!

هل وصل استزلام الساسة الفرنسيين للمال الخليجي إلى مستوى يدفعهم إلى البصق على إرث الثورات الفرنسية الداعية إلى التحرر والإخاء والمساواة والعلمانية؟

نورد ما ذكرته المصادرة لصحيفة (الحياة)، ونعقب عليه في صحيفتنا، تأكيداً لعهر السياسة الفرنسية في عهد أقزام السياسة الفرنسية، لكننا نطالب هنا مسؤولي الإعلام في سورية ببذل أقصى الجهود لإيصال هذا المنطق (الأولندي) إلى أوسع الشرائح الاجتماعية والسياسية الأوربية بضخّه في جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وبجميع اللغات الأوربية، كي يتنبه الأوربيون إلى مقاصد الرئيس الفرنسي، الذي لن يتوانى – حسب اعتقادنا- عن استخدام منطقه هذا للمطالبة في يوم ما باستقالة الرؤساء الأوربيين خوفاً من عودة الإرهابيين الموجودين في سورية.

فرنسا التاريخ.. فرنسا الثورة الفرنسية.. فرنسا الأدب.. فرنسا اللوفر.. تحولت في زمن هولاند إلى قزم (يتنطوط) بين هذا الشيخ، وذاك الحاكم، من أجل حفنة دولارات.

الشعب السوري ياسيادة الرئيس هو من يختار نظامه السياسي وقادته، وهو ليس بحادة إلى وصاية، ومكونات هذا الشعب السياسية والاجتماعية والدينية ستسعى إلى غد بلادها الذي لن يكون كما تتمنى يا سيدي أسود.. رجعياً.. إقصائياً، بل سيكون غداً علمانياً، ديمقراطياً، معادياً للاستعمار والصهيونية والرجعية، ومنفتحاً على شعوب العالم، وبضمنها الشعب الفرنسي العظيم.

العدد 1107 - 22/5/2024