يرفضون المساكنة علناً ويتسابقون عليها سرا !

 المساكنة في المجتمع السوري بين العلن والخفاء، الضوء والظلمة، الجرأة والتردد هي حياة كاملة يعيشها الرجل والمرأة بتفاصيلها كافة لكن دون عقد زواج رسمي. فمجرد السماع بكلمة (مساكنة) في مجتمعنا، تسافر الأفكار إلى مكان أسود سيئ، فالمساكنة تكاد تكون مرادفاً لـ(الدعارة) ولكن المساكنة شئنا أم أبينا أصبحت أمراً واقعاً وإن لم تنتشر بعد سوى في المدن الكبرى.

وفي ظل الظروف الراهنة والحرب المفروضة على المجتمع السوري بشرائحه كافة، بدت تظهر الكثير من الظواهر والسلوكيات التي باتت أمراً واقعاً إلى حدٍ ما والتي كانت مرفوضة تماماً في الماضي. فمن هنا لا بد من النظر إلى الموضوع من كل نواحيه، خصوصاً أنَّ عادات كهذه تكون سبباً لانهيار المجتمع الشرقي.

تبناها الكثير من الشبان والشابات، فمنهم من يقوم بها واعتبارها فعلاً طبيعياً نتيجة قناعات ومبادئ نشأت لديه وخصوصاً في ظل الأزمة، والبعض الآخر يقوم بها من وجهة نظر على أنها (موضة) ويجب أن يواكبها، ولكننا لا نجد أي دين أو مذهب أو قانون في بلداننا العربية يمنح الشرعية لمثل هذه العلاقة.

كما أن الأوضاع الاقتصادية والمستوى المعيشي لنسبة كبيرة من الشعب السوري قد تأثرت تأثراً كبيراً نتيجة الأزمة مما اضطر نسبة ليست بالقليلة من الشبان والشابات إلى البحث عن طرق كثيرة وربما غير شرعية أو غير قانونية لتخفيف عبء الوضع الاقتصادي الذي يعيشونه مقابل خدمات جنسية يقدمها أحد الطرفين، ولربما تكون أحياناً كمن يحمل مسؤوليته ونفقاته للشخص الآخر، ولكن أغلب هذه العلاقات أساسها الحب أو نتيجة لرفض الأهل زواج هذين الشابين.

إذ لم يشر القانون السوري في أي من مواده إلى ما يتيح المساكنة بين الرجل والمرأة سوى عبر عقد زواج يستوجب شروطاً ثلاثة، العلنية، اختلاف الجنس، وعقده من قبل رجل دين، ولذلك فإن قانون الأحوال الشخصية اعتبر أنّ نقص أحد هذه الشروط يفقد العقد شرعيته، ولكن القانون نفسه لم ينص على فرض عقوبة واضحة للذين يسكنون معاً من دون عقد زواج يجمعهما، إلا إذا تبين أن سلوكهما مخل بالآداب العامة ومنافٍ للأخلاق.

فرضت علينا الحرب أشياءً كانت مرفوضة في الماضي، لأسباب منها الدين أو المجتمع أو…، دون أي إدراك لدينا عن سبب هذا الرفض، وكما أن الغالبية من الناس يرفضون فكرة المساكنة في العلن إلا أنّ غالبيتهم يمارسونها سراً، ورغم سلبية الحرب إلا أنها زادت الوعي لدى جيل الشباب وجرأته للخوض في الكثير من الأعمال والنقاشات والأسئلة التي لطالما كانت مرفوضة لمجرد النطق بها سابقاً.

 

العدد 1107 - 22/5/2024