ثقة المواطنين في يد.. والقانون في اليد الأخرى

ستبدأ خلال أيام الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة السورية، وللمرة الأولى منذ نصف قرن نستخدم هذا التعبير (مرشحو الرئاسة)، بعد جملة من الإصلاحات السياسية التي جرت في البلاد.. وكان أبرزها الدستور الجديد، الذي، وإن كان لا يلبي تماماً طموحات جماهير الشعب السوري، فإنه فتح صفحة جديدة يمكن لمن اختار العمل السياسي في ضوء النهار أن يستخدمها لتحقيق غاياته السياسية، بعيداً عن هيمنة حزب واحد على مقاليد السلطة، والحكومة، ومجلس النواب.

الانتخابات الرئاسية وليدة النص الدستوري، لنتمسك بهذه العلاقة، ونعممها على جميع المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي جاء ذكرها في النصوص الدستورية.. وبكلمة أخرى لا نرى مبرراً بعد سريان الدستور الجديد.. والانتخابات الرئاسية التي تجري بالاستناد إلى نصوصه، أن تتم، بهذه الطريقة أو تلك، مخالفة هذه النصوص.

نقول قولنا هذا لمرشحي الرئاسة، فأحدهم سيكون بعد أدائه القسم الدستوري، الراعي لتطبيق أحكام الدستور والقوانين الأخرى،.

من سيحصل على غالبية أصوات المواطنين مطالب بعد أدائه القسم بأن يعيد الطمأنينة إلى قلوب المواطنين السوريين.. فبعد ثلاث سنوات ونيف من النزيف والدمار وجرائم المجموعات الإرهابية القادمة من الكهوف السوداء، والتدخل الخارجي المتعدد الأشكال، والمعاناة المعيشية والاجتماعية والتهجير القسري، آن لشعبنا أن يلملم جراحه، ويعيد وصل ما قطعته ممارسات الرجعية السوداء بين مكوناته الاجتماعية والدينية.

وبالطبع فإن أي رئيس على كوكب الأرض لن يستطيع أداء هذه المهام دون مساهمة فاعلة من جميع القوى السياسية والاجتماعية والدينية.. من سيقول نعم لأحد المرشحين، لا يجوز له بعد ذلك التنصل من المساهمة في تطبيق البرنامج الانتخابي لهذا المرشح بعد فوزه.. فالدولة لا تبنى ولا تتطور ولا تحقق رفاهية الفرد وكرامته، إلا إذا كان الشعب صاحب الكلمة العليا، لا في صناديق الاقتراع فحسب، بل في مراحل بناء هذه الدولة وتطويرها، والدفاع عنها.

استقرار المواطن السوري اليوم، يعني وقف نزيف الدم، ومكافحة المجموعات الإرهابية دون هوادة، ويعني استمرار الجهود السلمية الدولية، والداخلية، وخاصة عمليات المصالحات الوطنية وتعميمها على جميع المناطق والمدن.. إذ أثبتت المصالحات التي جرت في العديد من المناطق أن شعبنا تواق إلى وقف اللجوء إلى السلاح، والاعتماد على التعقل والحكمة توفيراً للدم والجهد والمال والإرهاق والتهجير. استقرار المواطن السوري يعني عدم تجاهل فئة ما.. ولا تخوين فئة أخرى.. بل السعي إلى تحقيق طموحات القوى السياسية والاجتماعية عبر الحوار الوطني الشامل، الذي سيتوافق فيه الجميع على مستقبل سورية السياسي.. الديمقراطي.. العلماني. وأخيراً فإن استقرار الوطن والمواطن يعني عدم تهميش مصالح الكتلة الشعبية الكبرى المؤلفة من العمال والفلاحين وجميع العاملين بسواعدهم وأدمغتهم، فهي الضامن الرئيسي لديمقراطية أي نظام سياسي وتطوره وعدالته وإنسانيته.

البعض يعتقد أن انتقائية ما تبرز اليوم في الاعتماد على الدستور، في استحقاق ما.. وتجاهل بقية النصوص التي تتطرق إلى مسائل أخرى سياسية أو اجتماعية أو إنسانية.

أما أنا فسأعطي صوتي لمن يحترم الدستور اليوم.. وغداً، في كل مادة من مواده.

العدد 1107 - 22/5/2024