روسيا والناتو.. صراع دائم

إن الوضع الحقيقي على الحدود الجنوبية الغربية لروسيا في حالة توتر عال، بغض النظر عن التصريحات المتتالية حول أوكرانيا، لأنها بلا جدوى وتنقصها الجدية والموضوعية.. فالناتو وبشكل مباشر يدعم الحكومة الأوكرانية عسكرياً، وهذا يعتبر خطراً من قبل هذه الدول، والمساهمة بشكل مباشر في إشعال فتيل الحرب مع روسيا الاتحادية، وذلك لأن رغبة الناتو في التمدد شرقاً، وفي الوقت نفسه زيادة إشعال نار الحرب الدائرة كما أسلفنا، وهذا ما أكدته مستشارة البيت الأبيض للأمن القومي سوزان رايس، حين قالت إن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لوضع صواريخ تحت إمرة الحكومة الأوكرانية وكذلك أسلحة ثقيلة وذخائر.

كل هذا يأتي في سياق البرنامج الأمريكي لوقف العدوان الروسي، كما يرون، وزيادة الضغط على القيادة الروسية، لأن جذر هذه المشكلة كما يعتقدون هو الشعور الروسي بعد الحروب الجورجية – الأستينية عام 2008.

إلا أن الوضع الآن مختلف، حيث نعتقد بأن حرباً باردة قد بدأت بين روسيا والناتو، لأن جميع المنظمات الحكومية وغير الحكومية في تلك الدول باركت العقوبات التي تفرض على روسيا دون تردد، ووقفت مع كييف في عدوانها على شعبها في الشرق وفي الجنوب الشرقي لأوكرانيا.

وهذا يعني أن التمدد شرقاً للناتو يزيد الخلاف والهوة بينهم وبين روسيا، وهذا بدوره سيؤدي لسباق تسلح جديد.

لكن قادة الناتو نسوا أن روسيا اليوم ليست روسيا التسعينيات من القرن الماضي، والرئيس بوتين يقول إن ذلك الزمن قد ولى إلى غير رجعة، والضغوط على روسيا وتزويد كييف بالأسلحة تزيد الأمور تعقيداً، وهذا ما صرح به الناطق الرسمي باسم الرئيس بوتين ديمتري بلسكوف، إذ قال:

إن روسيا الاتحادية معنية حقيقة بالحل السياسي في أوكرانيا وإنهاء المشكلة، وخلاف ذلك من تحريض وتزويد أسلحة ما هي إلا خطوات رعناء تزيد الوضع تعقيداً، وهذا سيجعل الأوكرانيين أنفسهم يدفعون الثمن.

فيما صرح لوران فابيوس، وزير خارجية فرنسا، أن العقوبات على روسيا ستؤثر في أي لقاء بينهم وبين الروس، وخصوصاً في لقاء مينسك، فيجب مراعاة المصالح الروسية.

ومن جانبه قال رئيس مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي بيتروشف إن الولايات المتحدة لا تعنيها أوكرانيا لا من قريب ولا بعيد، ولكن باستغلالهم للوضع هناك يعتقدون بأنهم سيضغطون على روسيا والمعارضة الأوكرانية، إضافة إلى محاولة جرّ روسيا إلى صراع دولي، ولكنهم لا يعرفون بأن ما يجري هناك سيكون نهاية الحكومة الحالية في أوكرنيا.. وفيما يخص تهديد الناتو بتزويد كييف بأسلحة، فما هو إلا محاولات لإدامة الصراع وتوسيع رقعتها هناك.. ولذلك فإن روسيا ستواجههم دبلوماسياً.

من جانب آخر صرح وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل غارسيا أن نتيجة العقوبات على روسيا أتت بأثر عكسي مع دول الاتحاد الأوربي التي خسرت في قطاع الزراعة وحده أكثر من 21 مليار دولار، وإن موقف الحلفاء ضد روسيا ووقوفها إلى جانب أوكرانيا يكلف هذه الدول الكثير.

وفيما يخص القيادة الأوكرانية التي تمادت كثيراً في قصف مواطنيها شرق البلاد وارتكاب المجازر، وخصوصاً في جمهورية مينسك الشعبية، وقصفها بصواريخ تورنادو وسيرج وغراد، لاسيما أن المعارضين لا يملكون أسلحة ثقيلة أو مدرعات، وكذلك سلاح جو، هو استفزاز من كييف وقيادتها التي فقدت الأهلية، وهذا سيكلفها غالياً مهما حاول الغرب والناتو تقديم الدعم لكييف، لأن البقاء للشعوب لا لمن يبيع نفسه لأعداء شعبه ويقف ضدهم.

العدد 1105 - 01/5/2024