ثمرة المصالحات الوطنية والتسويات: حمص دون إرهاب

في الوقت الذي كان فيه (الائتلافيون) يبحثون عن الدعم العسكري والمادي في واشنطن، كانت مدينة حمص الغالية على قلوب جميع السوريين، تتطهر من آخر المجموعات المتحصنة في الأحياء القديمة، بعد أن مارست فيها الحرق والتدمير.

لقد أسفرت جولات الوساطة عن خروج الإرهابيين، وتجنيب المدينة القديمة مزيداً من الدمار، وهذا ما سمح للأهالي بالعودة إلى أحيائهم، والبدء بعمليات نقل الأنقاض وتأمين الخدمات الضرورية تمهيداً لبدء إعمار ما خربته الأيدي السوداء.

لقد جاءت استعادة حمص من الإرهابيين في الوقت الذي يستعد فيه شعبنا لتلبية استحقاق الانتخابات الرئاسية، ليؤكد أهمية التمركز على المساعي السلمية لحل الأزمة السورية، فاعتماد مبدأ المصالحات الوطنية في جميع المناطق التي يوجد فيها المسلحون يوفّر نزف الدم السوري، ويجنّب البلاد مزيداً من التدمير والتخريب، ويعيد اللحمة إلى مكونات شعبنا الاجتماعية والدينية، بعد محاولات أصحاب الفكر الظلامي الإقصائي أخذها إلى مهاوي التفتيت الطائفي والاجتماعي البغيض.

داعمو الإرهاب في سورية، بقيادة الولايات المتحدة والشركاء السعوديون والعثمانيون الجدد رأوا في سقوط حمص (عاصمة الثورة) إخلالاً خطيراً بميزان القوى على الأرض، فتعهدوا لوفد (الائتلاف) بمزيد من الدعم العسكري، بهدف إحداث توازن جديد قبل اعتماد أي مسعى دولي جديد لحل الأزمة السورية. ويبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد اعتماد التحالف المعادي لسورية أكثر فأكثر على دور الأتراك في دعم المجموعات الإرهابية ومساندتها لوجستياً وبشرياً لإحداث هذا التوازن، وخاصة بعد الدعم الميداني المباشر الذي قدمته تركيا للمجموعات الإرهابية التي تسللت عبر الحدود إلى كسب.

القوت المسلحة السورية واجهت التسلل التركي – الإرهابي، وحاصرت المجموعات الإرهابية في مناطق محدودة، وهي تقوم كذلك بتوجيه ضربات نوعية مؤلمة إلى الإرهابيين في دير  الزور وريف حلب وريف دمشق، وخاصة جوبر، وفي محافظة درعا، ويبدو أن (التوازن) الذي يسعى إليه الأمريكيون وحلفاؤهم ليس إلا وهماً كبيراً.

إن تطهير العديد من المناطق من نفوذ الإرهابيين، واعتماد مبدأ المصالحة، يفتح الآفاق أمام السوريين لعقد حوارهم الوطني الشامل، ونرى أن نجاح مرشح القوى الوطنية والتقدمية الدكتور بشار الأسد في السباق الرئاسي، وهو الذي قدم المبادرة الحكومية لحل الأزمة السورية عبر الحلول السياسية، سيجعل من عقد هذا الحوار أمراً واقعاً، ليس من باب الوفاء بالوعد فقط، بل بسبب أهمية توافق السوريين بجميع مكوناتهم السياسية والاجتماعية والدينية على مستقبل بلادهم الديمقراطي.. العلماني.. المعادي للإمبريالية والصهيونية والرجعية السوداء.

آن للسوريين أن ينفضوا عن كاهلهم الإرهاب، والقتل، والخطف، والاعتقال، والفقر، وأن يتفرغوا لإعادة بناء بلادهم.

العدد 1105 - 01/5/2024