اليوم العالمي لحرية الصحافة (1991 – 2014)

ثلاثة وعشرون عاماً مضت على إعلان الثالث من أيار يوماً عالمياً لحرية الصحافة. ويحتفل الصحفيون في العالم بهذا اليوم، وتقام الندوات وتنشر المقالات والملفات عن الصحافة ودورها الريادي في نشر الفكر التنويري، والتعبير عن قضايا الناس ومطالبهم وهمومهم والدفاع عن حقوقهم. وفي هذا اليوم يتذكر الصحفيون في العالم ومنظماتهم النقابية واتحاداتهم (إعلان ويندهوك التاريخي)، في اجتماع الصحفيين الأفارقة في ناميبيا الذي أقامته منظمة اليونسكو، واعتمد فيه الثالث من أيار يوماً عالمياً لحرية الصحافة.

ويتضمن الإعلان مفهوم حرية الصحافة الذي لا يمكن تحقيقه، إلاَّ من خلال ضمان بيئة إعلامية نظيفة من الفاسدين والمروجين لأنظمة القمع وسياساتها .. بيئة إعلامية مستقلة حرَّة تقوم على مبدأ التعددية، باعتباره شرطاً مسبقاً لضمان الأمور الآتية:

* حماية الصحفيين وتأمين الأمن لهم في أثناء تأدية مهامهم.

* التحقيق في الجرائم المرتكبة ضد حرية الصحافة.

* الثالث من أيار فرصة للاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة.

* إعادة قراءة القوانين التي تصدر عن الحكومات بإيجابياتها ونواقصها، وتقييم وضع الحريات الصحفية في جميع أنحاء العالم.

* الدفاع عن وسائل الإعلام وحماية الحريات من الهجمات التي يشنّها الأعداء يومياً.

* تكريم الصحفيين الذين يخوضون معركة الكلمة الصادقة وتقديم المعلومة الصحيحة، ومن الذين يتعرضون للضرب والاعتقال والفصل من العمل.

* التذكير بالصحفيين الذين ضحوا بأرواحهم واستشهدوا أثناء تأدية واجبهم المهني بشرف وإخلاص.

* تجديد العهد والالتزام بالدفاع عن الكلمة وحرية التعبير.

الصحافة مهنة شاقة يطلق عليها (مهنة المتاعب والبحث عن الحقيقة). كثيرون غامروا وخاطروا بأنفسهم ودخلوا إلى قلب المعارك القتالية العسكرية، والمعارك السياسية النضالية والمطلبية ومع العمال والطلاب والمزارعين، وكانوا في قلب الإعصار إلى جانب المعتصمين والمتظاهرين في ساحات المدن والمعامل والمصانع، ضحوا بأنفسهم ولم يذلوا أو يتراجعوا عن قول الحقيقة، وامتلكوا القدرة على جمع المعلومات المحجور عليها في خزائن السلطات، والتي يحصلون عليها من مصادرها الرئيسة بوسائلهم الخاصة. وكثيرون اعتقلوا وزجّ بهم في السجون لسنوات، لنشرهم بعض الأخبار التي ترى السلطات أنها سرية وخاصة وأمنية.. وهذا برأي السلطات يشكل خروجاً على القوانين والأحكام المعمول بها.

إن إعادة قراءة تاريخ الصحافة السورية، منذ العهد العثماني الأسود، مروراً بفترة الانتداب الفرنسي والاستقلال، تشير بدقة إلى الدور الوطني الذي لعبته الصحافة الوطنية السورية. وكانت الكلمة والمقالة إلى جانب البندقية، وإقامة تحالف متين بين الصحفيين والكتاب والمثقفين والثوريين الوطنيين الذين أشعلوا الأرض تحت أقدام الاستعماريين.

ويجب ألاَّ تغيب الحقيقة عنَّا ونحن نحتفي باليوم العالمي لحرية الصحافة من حيث ازدواجية المسؤولية. فالمسؤولية الأولى تقع على عاتق النظام السياسي. وفي المقابل هناك مسؤولية فردية أيضاً، يجب عدم إغماض العين عنها وتجاهلها. وهذه المسؤولية تقع على عاتق الصحفي من حيث الالتزام بالقوانين الموضوعية، والصدق في العمل والأمانة في نقل المعلومة، بعيدأً عن المصالح الشخصية والحزبية والإيديولوجية التي تتعارض مع المصالح العامة للمجتمع.

وواجهت الصحافة السورية الحكومية والخاصة والإعلام بشكل عام، في الأزمة السورية المعقدة، صعوبات كبيرة في مواجهة الإعلام الرأسمالي والنفطي، الذي يرتكز على تقنية عالية ويستخدم ما توصلت إليه ثورة الاتصالات من تقدم وتطور. ورغم ذلك بذلت الحكومة السورية أقصى جهودها، وقدمت عشرات الصحفيين والإعلاميين السورين إلى قلب المعارك العسكرية والسياسية، وذُللت الصعوبات وكشفت الحقائق وفضحت الإعلام المزيف الكاذب بالكلمة والصورة والصوت. واستطاع الإعلام السوري بإمكاناته المتواضعة، أن يزيل الكثير من الأوهام وينزع الغبش عن عيون المواطنين ويقتلع من ذاكراتهم صور الأعداء التي يروجون لها ويصفونها بـ(المشرقة – النظيفة) وديمقراطيتهم الممهورة بالأوهام والكذب والتزييف.

إن الصحفيين السوريين يحتفلون بهذا اليوم الذي يصادف أيضاً، انتصارات جيشنا على الإرهابيين الظلاميين التكفيريين، وفي سبيل الدفاع عن حقوق المواطنين وعن السيادة الوطنية والقرار المستقل وبناء سورية التعددية العلمانية المتطورة.

العدد 1105 - 01/5/2024