عمّال اليوم في مواجهة تحديات مريرة

 حين اعتُبر الأول من أيار عيداً عالمياً للعمال في كل أرجاء الأرض، كان قد جاء على خلفية أحداث دامية ذهبت بالعديد من العمال الذين طالبوا بحقوقهم الأساسية في العمل وتحديد ساعاته، وكذلك في الأجور التي يجب أن تتناسب وجهودهم المُضنية حينذاك.

واليوم، بعد مرور أكثر من مئة عام على ذلك، نجد أن الطبقة العاملة في مختلف أرجاء العالم، ما زالت تُعاني من إشكاليات وهموم متعددة ومتنوعة ربما تكون متناقضة مع بعض الإشكاليات حينذاك، فقد كانت أول المطالب وقتذاك تحديد ساعات العمل، أما اليوم، فإن البطالة خيّمت على حياتهم عالمياً ومحلياً، وتركتهم في مهب رياح الفقر والجوع والعوز والتخلّف والأمية، وذلك بسبب توحّش الرأسمال وقوانينه الظالمة القائمة على مبدأ الغاية تُبرر الوسيلة، في سعي حثيث لتكديس الأرباح على حساب حياة ملايين الفقراء من العمال، مما فسح المجال رحباً أمام بعض الفئات منهم للانضواء تحت مظلة الإرهاب وامتطاء صهوة الجريمة والانتقام، لاسيما في ظل الحروب التي تشنها الدول الرأسمالية بشكل مباشر أو غير مباشر من أجل تجاوز أزماتها الاقتصادية الخانقة.

وليس بخافٍ على أحد ما تُعانيه الطبقة العاملة السورية منذ العقود السابقة للحرب الحالية، وذلك في ظل تراجع الدولة عن دورها في حماية هذه الطبقة، وعن تقديم كل ما يمكنها من أجل الارتقاء بها، لتكون بالفعل السند والدعامة القوية لأجل اقتصاد متطور ومنافس. وكذلك في ظل الانفتاح الاقتصادي المشوّه الذي قاد إلى توقف العديد من المعامل العامة والورش الخاصة عن الإنتاج بسبب عدم الحماية وسياسة الاستيراد غير المسؤولة، ما دفع بالأمور إلى ما تشهده البلاد حالياً من حرب أتت على ما تبقى من إمكانية لعودة تلك المنشآت إلى العمل، بل والقضاء على معامل ومنشآت أخرى سحقتها الحرب وتجّارها الذين استثمروا الآلات في الأسواق المجاورة.

كل هذا طبعاً في ظل هشاشة موقف نقابات العمال التي تخلّت هي الأخرى عن أعضائها، لتصبح منظمات سياسية محضة بعيدة كل البعد عن غاياتها وأهدافها الأساسية التي قامت من أجلها، ألا وهي حماية الطبقة العاملة ومكاسبها التي بدأت تتسرب شيئاً فشيئاً لتصبح الطبقة العاملة السورية في مهب الريح والضياع.

فهل بقي من معنىً للأول من أيار يليق بتاريخ الطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية..؟؟

العدد 1107 - 22/5/2024