مئوية إبادة الأرمن.. بانتظار العدالة

في هذه الأيام، وبمناسبة الذكرى المئوية لجرائم التهجير والإبادة لتي تعرض لها الأرمن، تقوم الجاليات الأرمنية في دول الشتات قاطبة بإحياء هذه الذكرى تحت شعار (أتذكر وأطالب)، وهذا يعني أننا لم ننسَ هذه الأعمال الإجرامية الوحشية التي نُفذت بحق شعب آمن يعيش على أراضيه التاريخية، ونطالب بأن تأخذ العدالة مجراها لنا وللشعوب التي عانت من أهوال الإبادة والتهجير في كثير من دول العالم. إن جريمة الإبادة الجماعية بحق الأرمن كانت الأولى من نوعها التي نفذت في بداية القرن الماضي بقيادة حزب الاتحاد والترقي الفاشية التركية، وقد جرى التهجير والإبادة بتخطيط دقيق، فقد قام حزب الاتحاد والترقي باعتقال المفكرين والأدباء والشعراء، ثم قاموا بتجنيد الشباب وتشغيلهم في بناء الجسور والطرق وأعمال قاسية أخرى قبل إبادتهم، ومن تبقى من أحياء كانوا في غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ، رُحِّلوا إلى صحراء دير الزور دون طعام أو شراب، فمات قسمٌ كبيرٌ منهم على الطريق نتيجة الجوع والعطش والأمراض السارية، وقد استقر القسم الذي نجا من هذه الأهوال في الأراضي السورية، واستضاف الشعب العربي السوري الكريم قوافل المهاجرين، وساعدهم حسب الإمكانات المتاحة. وقد عمل الأرمن في مجالات شتى، نظراً لوجود حرفيين مهرة، وساعدوا على بناء الصناعات في سورية وتطويرها، كما كان للأرمن دورٌ في الحياة السياسية السورية لاسيما في فترة النضال ضد الاحتلال الفرنسي، ونذكر هنا المفكر أرادشيس بوغيكيان، الشخصية المقربة من المناضل إبراهيم هنانو، وفي الجيش كان اللواء آرام كارامانوكيان قائد المدفعية، وهرانت مالويان الذي دافع عن البرلمان السوري.

وقد عاش الأرمن في سورية مواطنين شرفاء وأوفياء لوطنهم سورية، وتعبيراً عن هذا الوفاء، جرى أقيم نصب تذكاري في يريفان، عاصمة أرمينيا، تحت تسمية (الشكر والوفاء للعرب السوريين من قبل الأرمن)، وقد قام بإدارة مشروع البناء الرفيق الراحل المهندس المشهور فاروج صلاطيان، مع دعم قسم لابأس به من مصاريف البناء.

وفي الختام، نشير إلى أن الأرمن حيثما وجدوا في دول العالم ساهموا في مجالات شتى بعملهم الجدّي والخلاّق، وقدموا إنجازات عملية في مجالات العلوم والتعليم والصناعات والأدب والترجمة والسياسة، يصعب حصرها في سطور.

العدد 1105 - 01/5/2024