قرار نبّهنا إلى انعكاساته السلبية على معنويات الجماهير الشعبية

المسألة لا تتعلق برفع سعر الخبز بنسبة قد تبدو بنظر البعض تافهة، بل باتخاذ الحكومة لقرارها هذا، رغم تأكيدات القيادة السياسية منذ عقود أن الخبز خط أحمر. السؤال هنا: هل أصبح خط الخبز وقضايا مصيرية أخرى تهم الفئات الفقيرة والمتوسطة خطاً أخضر؟ وهل نحن أمام تراجع مكشوف عن الدعم الحكومي للفئات الفقيرة والمتوسطة التي كانت القيادة السياسية تعدّه من المكتسبات التي قدمتها للكتلة الشعبية؟

لقد نبهنا ونبه غيرنا أيضاً إلى أن هذه الفئات هي التي تضررت قبل الأزمة، بسبب السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، إذ همشت مصالحها لحساب النخب الثرية وأصحاب المشاريع الطفيلية، وهي التي نزفت وهُجرت وتراجع دخلها الحقيقي بسبب ارتفاع أسعار جميع المواد والخدمات خلال هذه الأزمة، ولا يجوز أن نحسّن إيرادات الخزينة من جيوبها، بل من جيوب من تنفّع.. واستغل.. واقتنص.. وسمسر نتيجة لهذه السياسات قبل الأزمة، ومن تجبّر واحتكر الأسواق أثناءها!!

لماذا نستسهل إيجاد الحلول على حساب الفئات الفقيرة؟ ثم نضع التشريعات التي تحفز.. وتشجع.. وتدعم الفئات الثرية.. المقتدرة.. والطفيليين الذين نبتوا كالفطر في كل مكان؟ لماذا لم نلجأ إلى تعديل التشريعات الضريبية لرفد خزينة الدولة من مراكمي الأرباح.. والريوع الكبيرة،ومحاسبة الفاسدين.. والمتهربين من الضرائب.. وأصحاب الصفقات الكبرى؟

نذكّر متخذي القرار بالحقائق التالية:

1- في عام 2010 نشر المكتب المركزي للإحصاء نتائج مسح قوى العمل،ومتوسط دخل العاملين في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء والتشييد والمال والتأمين والعقارات والنقل والخدمات في سورية،وتبين هذه النتائج أن الأجور لا تتناسب مع العمل في قطاع العمل المنظم، دون البحث في قطاع العمل غير المنظم الذي يختلف كثيراً عن هذه الأرقام . كما خلصت نتائج مسح دخل ونفقات الأسرة لعام 2009 الذي أعده أيضاً المكتب المركزي للإحصاء،إلى أن متوسط إنفاق الأسرة السورية شهرياً يبلغ نحو 30.9 ألف ليرة بزيادة تصل إلى 20%، مقارنة بمتوسط إنفاق الأسرة السورية عام 2007 الذي بلغ آنذاك نحو 25.9 ألف ليرة. والسؤال هنا:إذا كان وسطي الأجور في القطاع العام نحو 16000 ليرة سورية،وفي القطاع الخاص نحو 13000 ليرة سورية، فتخيلوا كيف يتدبر العاملون معيشتهم في ظل انخفاض أجورهم، وارتفاع متوسط الإنفاق الأسري،خاصة بعد أن أدت تداعيات الأزمة.. والحصار الظالم على سورية وحالة الركود الاقتصادي إلى ارتفاعات كبيرة على أسعار جميع المواد الأساسية لمعيشة المواطن السوري؟!

2 – ارتفعت أسعار جميع السلع والمنتجات الحيوانية والنباتية والحبوب والأدوات المنزلية والمحروقات بنحو 5 أضعاف، حسب دراسة لغرفة تجارة دمشق.

3 – خسرت القوى العاملة ما يقارب مليوني فرصة عمل، وارتفع معدل البطالة إلى نحو 48%.

4 – انضم نحو 5 ملايين مواطن إلى خانة الفقر، منهم نحو 3 ملايين مواطن في حالة أقرب إلى الفقر المدقع.

5 – تراجعت فيه الأجور الحقيقية والدخول لجميع العاملين في الدولة والقطاع الخاص قياساً بارتفاعات الأسعار المستمرة، وفي حين بلغ متوسط الإنفاق الشهري للعائلة لسورية قبل الأزمة -حسب دراسات الهيئة السورية لشؤون الأسرة- 30 ألف ليرة سورية، فقد ارتفع خلال هذه الأزمة بنسبة 300%، أما الأجور التي طرأ عليها زيادة حكومية فلم يتجاوز متوسطها في القطاع العام 16000 ليرة سورية، وفي القطاع الخاص 13000 ألف ليرة سورية.

ألا تستدعي هذه المؤشرات البحث عن طرق أخرى لزيادة الإيرادات العامة؟! والعودة عن قرار زيادة سعر الخبز والمواد التموينية الأخرى،والتخلي عن خطط – إذا وجدت- للمضي في قضم الدعم الحكومي للفئات الفقيرة؟!

ياعمال سورية.. ويا فقراءها.. ويا جميع القوى السياسية الوطنية والتقدمية.. ويا جميع السوريين الشرفاء.. اتحدوا للدفاع عن سورية الدولة والوطن ضد الإرهاب والتدخل الخارجي من جهة، ومن أجل الحفاظ على مكاسب الكتلة الشعبية.. بل وزيادتها، من جهة ثانية!

العدد 1105 - 01/5/2024