ماذا قال أوباما لحلفاء واشنطن وأصدقائها؟

في حمأة التجييش التي قادتها السعودية وإسرائيل وحلفاؤهما في المنطقة وخارجها، جاء من يقول لهم (إن داعش هي التهديد الأكبر، وإن تعاوناً مع إيران في الحرب على الإرهاب يبدو أمراً مرغوباً، وإن واشنطن تشجع عليه).

هذه الكلمات قالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حديثه إلى الصحافي توماس فريدمان، الذي يعمل في صحيفة (نيويورك تايمز) وذلك في الأيام الأولى من شهر نيسان 2015. وقال لهم أيضاً في حمأة (التهويل) من ما يسمونه الأخطار الخارجية المترتبة على ما يدعونه (التوسع الإيراني الزاحف): (إن التهديدات الأهم لهذه الدول تأتيها من داخلها، من حالة عدم الرضا والاستياء التي تسود شعوبها، شعوب مهمشة وشباب عاطل عن العمل وأيديولوجيا مدمرة لا تعترف بالدولة).

هذه الكلمات التي قالها أوباما للصحفي توماس فريدمان، ونشرت في صحيفة (نيويورك تايمز)، لن تهبط برداً وسلاماً على أصدقاء واشنطن ممن يسمون أنفسهم (المعتدلين العرب)، وتابع الرئيس أوباما قائلاً:

(إن زمن القيام بحروب وصولات وجولات نيابة عنكم قد ولى من دون رجعة، لا تنتظروا من واشنطن أن تقوم بأدواركم بدلاً منكم.. تواجهون أخطاراً خارجيةً- كما تقولون- سنساعدكم لبناء قدرات دفاعية تمكّنكم من القيام بدور أكبر في معالجة النزاعات الإقليمية.. تحتاجون إلى تطمينات في مواجهة الأخطار الخارجية، سنوفرها لكم، عل وعسى أن يُفضي ذلك إلى تبديد مخاوفكم ودفعكم للتفكير في حوار مثمر أكثر مع الإيرانيين.. تهديدات الداخل هي أشد خطورة على أمن هذه الدول واستقرارها من تهديدات الخارج.. واشنطن تستطيع أن تقدم النصح والمشورة، بيد أنها لا تستطيع أن توفر الحماية لنظام من خصومه في الداخل، وعلى هذه الدول أن تشرع أبوابها للمشاركة الفاعلة، وأن توفر لشبابها بديلاً آخر عن داعش). هكذا قال زعيم الدولة الأكبر لأصدقائه.

والسؤال: هل يُصغي أصحاب (عاصفة الحزم) لهذا الكلام؟ لكأن أوباما لا يكفيه أنه وجّه مثل هذه الطعنة الكبيرة لحلفائه وأصدقائه بفتح الحوار (من وراء ظهورهم) مع إيران وتوقيع اتفاق تاريخي معها، حتى يشرع اليوم في توجيه النصح وممارسة الضغوط لدفع (المعتدلين العرب) للانخراط في حوار مع جارتهم إيران، وفي تطبيق أجندة الإصلاح السياسي في بلدانهم.

إذاً، الرئيس الأمريكي أوباما رسم بكلامه إلى الصحفي معالم عقيدته، تاركاً عقدة في صفوف حلفاء واشنطن وأصدقائها.

كيف سينعكس ذلك على أزمات المنطقة المفتوحة على شتى الاحتمالات؟

يتوقع العديد من المحللين السياسيين أن يتنامى الميل للحديث عن (القوة العربية المشتركة) التي انبثقت عن القمة العربية الأخيرة المنعقدة في أواخر شهر آذار الماضي، وعن ما يسمى (القيادة العربية للحرب على الإرهاب)، أو ما يوصف في أجهزة الإعلام الخليجية  العميلة بـ(الصحوة العربية في مواجهة إيران).. لكن يؤكد هؤلاء المحللون أن واشنطن قد رسمت سقفاً أعلى لما يمكن أن يذهب إليه الحلفاء، تركت لهم الخيط ممدوداً قليلاً، وإن كانت قد أبقت طرفه الآخر في يدها.

بعض الدول العربية المعروفة لم تكن سعيدة بحديث الرئيس الأمريكي أوباما، بل شعرت بضيق بمضامينه، وإن لم تجرؤ على إظهار هذا الضيق والتعبير عنه علناً، مثل السعودية وقطر والأردن والكويت والمغرب، بل مضت في تصعيد الخطاب والاستقطاب المذهبيين في المنطقة، رافضة أية مقاربات جدية مع إيران، ورافضة أيضاً نصيحة أوباما تجاه ضرورة الإصلاح داخل بلدانها.

خلاصة القول.. إن ما جاء في حديث أوباما، خاصة نصائحه حول أهمية وضرورة الإصلاح داخل البلدان الحليفة لواشنطن، لاسيما منها دول الخليج العربي، وحول ضرورة فتح الحوار مع جارتهم إيران، غير كاف، في الوقت الذي تستمر فيه إدارة أوباما في تقديم الدعم العسكري والسياسي للسعودية وحلفائها على النحو  الذي رأيناه في دعم هذه الإدارة لحرب السعودية على اليمن في مجلس الأمن، لأن مثل هذه الحرب تخدم الأجندة والمصالح الأمريكية في المنطقة، ولاسيما استمرار الأزمات في الدول العربية وتصاعدها، وتخدم خطط الشركات والمصانع الأمريكية والغربية المُنتجة للسلاح والمصدرة له.

العدد 1105 - 01/5/2024