خطة للهيمنة.. وليست لمكافحة الإرهاب!

نفد صبر العالم وهو ينتظر ما ستقرره الولايات المتحدة، بشأن خطتها التي وعدت بها لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2170 المتعلق بضرب الإرهاب المسلط على سورية والعراق متمثلاً بـ(داعش) وأضرابها.

وكل ذي بصيرة، ولو متواضعة بعض الشيء، يدرك أن أمريكا تعدّ شيئاً آخر غير مكافحة الإرهاب، وإنقاذ العالم من هذه البلية السرطانية.

لقد تضاربت تصريحات المسؤولين الأمريكان حول الكثير من القضايا المتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي، ولكنها أجمعت، تقريباً، على أمر واحد هو استبعاد سورية من القوة الدولية المزمع تشكيلها لضرب داعش، وكأن سورية ليست هي المتضررة الأولى في العالم من هذه المنظمة المتوحشة، أو كأنها ليست المعنية بتوجيه ضربات قاصمة لها.

وقد بلغت وقاحة بعض الأوساط الرسمية الأمريكية حد القول إن أي إجراء عقابي ضد داعش يجب ألا يستفيد منه (النظام) السوري، الذي لا يختلف عن داعش (كذا…).

لقد تناسى العالم للحظة ما، أن أمريكا هي التي أنشأت داعش وباقي الفصائل الإرهابية التكفيرية، أملاً بأن تستيقظ بعض الأحاسيس الإنسانية لدى الإدارة الأمريكية، فتجعلها تساعد، أو على الأقل، تعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2170 الذي كانت من أشد أنصاره، نصاً وروحاً، ولكن ذلك لم يحصل، لسبب رئيسي هو أن الإمبريالية لا تخرج من جلدها، كما أكدنا مراراً.

ومع ذلك، وافقت سورية وحلفاؤها على هذا القرار، رغم الشوائب التي اعترته، لعلَّ في ذلك ما يساعد على تنفيذه، ولكن لم يبدر عن هذه الإدارة إلا ما يعزز الشكوك بنواياها الغامضة وعقلها التآمري تجاه أمن سورية وسيادتها، خاصة إذا علمنا أن الأطراف الذين وافقت أمريكا على انضمامهم إلى (التحالف الدولي) هم أنفسهم جماعة (أصدقاء سورية) التي تشكلت منذ  بداية الأزمة، وراحت تعدّ العدة للتدخل في سورية، والتي باءت بالفشل إثر انسحاب معظم أعضائها، بعد أن تبين لهم عقم جهودهم وفشلها.

وليس اكتشافاً جديداً القول بأن الولايات المتحدة لو أرادت أن تعبر عن حسن نواياها، لبدأت بممارسة الضغوط على تركيا لإيقاف سيل الإرهابيين القادمين إلى سورية من مختلف أصقاع الأرض، وهو ما يدخل في صلب القرار رقم 2170 أو الضغط على السعودية وقطر والكويت لوقف عملية التمويل المالي الهائلة التي تذهب باتجاه داعش والنصرة والجيش الحر وباقي منظمات الإرهاب التي أدرجت في صلب القرار المذكور أيضاً، أو أن تضغط على الأردن الذي جعل من أراضيه ساحات شاسعة لتدريب المرتزقة على يد خبراء أجانب، لقتال أبناء شعبنا المدنيين والعسكريين، وذلك بمعدل 300 متدرب كل شهر.

اليوم، يلقي الرئيس الأمريكي أوباما كلمة أمام الكونغرس يحدد فيها خطته ضد الإرهاب. كما سيأتي وزير خارجيته كيري إلى المنطقة لكي ينتقي أعضاء الحلف الدولي الجديد، فإذا واصلت الإدارة الأمريكية سياساتها الاستفزازية تجاه سورية فإن مرحلة من التوتر والغليان سوف تسود المنطقة، وهو ما يوجب على شعبنا أن يكون متنبهاً له، وأن تتخذ الدولة كل الاحتياطات اللازمة لتأمين جبهتنا الداخلية وحمايتها.

العدد 1107 - 22/5/2024