عين على الفساد والإهمال في طرطوس..؟!

تستمر معاناة المواطن في طرطوس مع وسائل النقل الداخلية والخارجية، سواء أكان من أبناء المدينة أومن أبناء المناطق التابعة لمحافظة طرطوس (الدريكيش، الشيخ بدر، صافيتا)، ولاسيما الطلاب منهم الذين يدرسون في مدارس المحافظة ومعاهدها، والموظفون الذين ينتقلون يومياً منها وإليها، فأزمة النقل الحادة خصوصاً في أوقات الذروة وتحكّم سائقي السرافيس التي تربط مركز المحافظة بالمناطق التابعة لها، وإخضاع الركاب لمزاجيتهم وأهوائهم باتت لا تحتمل.

هذه المعاناة الكبيرة التي يعيشها المواطن لا تقتصر على انتقاله من القرى والبلدات إلى طرطوس، بل يعاني منها ضمن المدينة أيضاً، أي التنقل من حي إلى آخر، ومن دائرة أو مديرية إلى أخرى، وذلك لعدم وجود وسائط نقل كافية لتقلهم إلى أماكن عملهم بسبب تضاعف عدد سكان المحافظة منذ بداية الأزمة حتى اليوم، وخروج عدد من السرافيس من الخدمة أو تغيير خطها، وزيادة أجور النقل، كل ذلك أصبح يشكل عبئاً حقيقياً على جيوب المواطن وجسده ونفسيته، وبالمقابل نجد أن السائق يشكو أيضاً ويضع التبرير لزيادة الأجرة عن التسعيرة الرسمية.

وكما بات معروفاً لدى الجميع فإن الأزمة ظهرت بعد زيادة سعر ليتر المازوت، والارتفاع الكبير لأسعار جميع المواد، كقطع الغيار والإطارات والزيوت التي أرهقت جيوب أصحاب السيارات ومتطلبات الصيانة الدورية، على الرغم من الزيادات المتكررة لأجور نقل الركاب داخل المحافظة وعلى جميع الخطوط من قبل الوزارة والمكتب التنفيذي للمحافظة، إلا أنه مازال هناك بعض ضعاف النفوس من السائقين الذين يمارسون الابتزاز والاستهتار بكرامات الركاب وحياتهم أحياناً، بزيادة عدد الركاب في السرفيس، الذي يوحي بأن همّهم الوحيد هو تحصيل أكبر أجرة من الراكب مهما كانت صفته طالباً أو فقيراً أو… لا يهم.

والشكاوى كثيرة في هذا المجال، وأهمها الاتفاق الذي يجري بين السائقين في كراجات الانطلاق، إذ كل سائق يلجأ إلى تغيير خط سيره من منطقة إلى أخرى، ما يضطر المواطن إلى القبول بالأمر الواقع ودفع الأجرة التي يطلبها السائق منه، ومن لا يعجبه فلينتظر ساعات طويلة حتى يأتي سرفيس الخط، وهنا قد تتضاعف الأجرة، إضافة إلى أن سعة السرفيس قد تصل إلى 21راكباً بدلاً من 14 أما حجة السائق فهي أن الأجرة غير مناسبة في ظل ارتفاع الأسعار كما ذكرنا سابقاً. ويؤسفني أنني كنت شاهداً على ممارسات كهذه من قبل سرافيس الدريكيش وسرافيس صافيتا أو خط الجديد.

بالطبع الموظف والطالب مضطر يومياً للتعايش مع هذه الحالة الشاذّة، وما عليه إلاّ الرضوخ لمزاجية بعض سائقي السرافيس وعنجهيّتهم وقلة أخلاقهم، الذين لا يوجد رادع أخلاقي أو حتى قانوني يلزمهم بالوقوف في الأماكن المخصصة لهم، فلا وجود لعناصر الشرطة أو المرور، بل هناك قلّة ممّن يعملون لدى متعهّد الكراج وهم الذين يقبضون مئة ليرة عن كل حالة، كتلك التي ذكرناها سابقاً. والشيء المضحك المبكي أن بعض سائقي سرافيس الدريكيش يشهدون تلك العمليات بعد أن تكون آلياتهم مركونة على خط آخر (سرافيس الدريكيش تنقل الركاب على خط صافيتا والعكس صحيح) طبعاً الأجرة مضاعفة مرتين أو أكثر!

جلال هولا، كتب عبر صفحات موقع (عين على الفساد والإهمال في طرطوس: سرافيس الخط الداخلي وخصوصاً العريض لا يقومون بتغطية كامل الخط، مثلاً لا يصلون إلى شارع المينا، وإنما إلى دوار الساعة فقط وأمام شرطي المرور.. وإذا وصلوا فإنهم لا يصلون إلى الكراجات القديمة أو الحمرات بحجة (ما فيه حدا لهنيك).. وفي كل مرة نقدم شكوى و(دق المي وهي مي).

وعلى الموقع نفسه كتبت (Skystar Sun): أوقفوا هذه المهزلة بحق أهالي الدريكيش، الذين قدموا مئات الشهداء وآلاف ومئات الجرحى والمخطوفين، يتآمر عليهم مسؤولو المحافظة بكل شيء حتى بلقمة عيشهم. كيف سأشرح ذلك؟!. تذهب إلى كراج طرطوس تجد مئات البشر والركاب، وكلهم من الفقراء والموظفين ينتظرون رحمة سرفيس طرطوس الدريكيش ولا يأتي.. ثم يأتي سرفيس مكتوب عليه طرطوس صافيتا أو طرطوس اللاذقية أو أو أو..كلها سرافيس كانت بالأصل تعمل على خط الدريكيش، ولكن للأسف قامت بنقل خطوطها من خط الدريكيش إلى هذه الخطوط بحجج واهية أو بواسطات، وأحياناً بحجة أنهم من ذوي الشهداء. ولنفترض أن كل قريب شهيد قام بنقل سرفيس على اسم شهيد، فإنه لن يبقى سرفيس واحد عامل على خط الدريكيش، ويقومون بنقل الركاب على خط الدريكيش ولكن بأجرة مضاعفة، أي 100 ل.س ومن يدفع الثمن هو المواطن المسكين. هذه هي القصة باختصار شديد .. إلى متى؟!

طبعاً لو كتبنا التعليقات والشكاوى الخاصة لاحتجنا إلى أكثر من جريدة ودورية، ولكننا نكتفي بهذا لكل من يملك بصراً وبصيرة من مسؤولي طرطوس!

إبراهيم العلي (موظف) قال: لا تقتصر المشكلة على الذهاب إلى طرطوس، بل المشكلة الأكبر هي في العودة بعد انتهاء الدوام.. فنحن نعاني الأمرّين في كراج طرطوس، حيث لا حسيب ولا رقيب، وسائقو السرافيس قلّة منهم يدخلون إلى الكراج، ومنهم من لا يدخل أبداً، ونحن نركض كلما رأينا سرفيس الدريكيش من داخل الكراج إلى خارجه، وبالعكس، ومعظم الأيام لا نجد أياً من السرافيس العاملة على خط طرطوس الدريكيش، وتبدأ رحلة الابتزاز من سائقي السرافيس العاملة على خطوط أخرى، فهي تطلب زيادة في أجرة الركوب تصل إلى ثلاثة أضعاف أجرة الركوب التي يتقاضاها سرفيس طرطوس الدريكيش.. وكلما تأخر الوقت قليلاً ازدادت الأجرة وتضاعفت، وما نخشاه أن يأتي اليوم الذي ندفع به أجرة العودة إلى بيوتنا مايفوق أجرنا اليومي، فإلى متى ستستمر هذه الحال؟!

سهى محمود (موظفة قطاع خاص) قالت: إذا لم يُضبط عمل السرافيس العاملة على خط الدريكيش طرطوس، فإن ذلك سيفقدنا أعمالنا.. فنحن نصل دائماً متأخرين، وهذا يهددنا بالفصل، كما أن دوامنا الطويل يوقعنا عرضة لابتزاز السائقين الذين يضاعفون أجرة الركوب التي هي في الأساس مرتفعة ولا تتناسب أبداً مع دخلنا اليومي .. وأضافت: كل الجهات الرقابية التي راجعناها لم تسعَ لإيجاد حل تنتهي معه هذه الأزمة التي أرهقتنا.

علي عيسى (سائق سرفيس) تحدث عن ارتفاع الأسعار، للمازوت وقطع الغيار وحتى الإطارات التي تضاعف سعرها ثلاثة أضعاف، وهناك شيء آخر يجب أن لا ننساه وهو زيادة أجور الإصلاح، فالعامل الذي كان يكتفي عند تبديل الإطار مثلاً بمبلغ 50 ليرة أصبح يطلب منك 200 ليرة وهكذا، فكيف سنتدبّر أمورنا؟ وكيف سيكون معنا في نهاية الشهر القسط الشهري أو مصروف العائلة؟! أعرف أن الوضع صعب على الجميع، ونحن بالنهاية مواطنون ونعاني الغلاء في أماكن أخرى.

في اتصال مع السيد عاطف أحمد، مدير تموين طرطوس تحدث إلينا قائلاً: نحن لا علاقة لنا بتنظيم الدور في الكراج، وكل عملنا يقتصر على تنظيم الضبوط في حال لم تكن التعرفة ملصقة على واجهة المركبة، ولدينا بحدود 700 ضبط في هذا المجال، إضافة إلى تنظيم مخالفة وتحويل المخالف للقضاء في حال تقدم أي مواطن بشكوى. ولكن بالنسبة لما ذكرته من تغيير السرافيس للخطوط بغية تحصيل المزيد من الربح، فالعلاقة تنحصر بدور مفرزة الشرطة الموجودة في الكراج.

اتصلنا أيضاً بمفرزة الشرطة في الكراج، ولكن لسوء الحظ لم نتمكن من التحدث إلى الشخص المسؤول، فاتصلنا بقيادة الشرطة، وأوصلنا القضية إلى السيد معاون قائد الشرطة الذي وعد بحلها فوراً، مؤكداً أنه لا يسمح بمثل هذه المخالفات، وسوف يتحقق شخصياً من معالجتها.

ونحن نقول للجهات المعنية بطرطوس: إن المواطن في طرطوس لم يعد يستطيع أن يتحمل أكثر في ظل الغياب الكبير للجهات الرقابية، فإلى متى تستمر أزمة المواصلات في طرطوس؟! سؤال نتمنى أن نلحظ إجابة سريعة عليه.. والأيام القادمة ستثبت إن كانوا فعلاً ينوون الحل، أم أنه سيكون للحديث تتمة ولكن بشكل آخر..!

العدد 1107 - 22/5/2024