قبرص تدخل برجليها منطقة التعذيب الأوربي!

أعلن المصرف المركزي القبرصي السبت الفائت أنه لم يتم الانتهاء بعد من دراسة المبلغ الذي يحتاجه النظام المصرفي القبرصي المكشوف على الديون اليونانية في إطار خطة الاتحاد الأوربي المالية للإنقاذ. وكان من المقرر أن يُعرف المبلغ الجمعة في 18 كانون الثاني الحالي.. ولا يمكن التوصل إلى اتفاق على صفقة القروض النهائية التي ستحصل عليها قبرص إلا بعد تحديد المبلغ المطلوب لإعادة رسملة المصارف التي ستحصل على أكبر حصة من صفقة الإنقاذ. ورغم التقاء وزراء مالية دول منطقة اليورو أمس الاثنين لمناقشة شروط هذه الصفقة، إلاّ أنّ قراراً نهائياً لم يُتّخذ حتى الآن بسبب عدم تأكيد الرقم السابق المذكور في مسودة الاتفاق مع الترويكا الدولية الدائنة لإعادة رسملة المصارف القبرصية البالغ عشرة مليارات يورو، في إطار الصفقة التي يمكن أن تصل إلى 5,17 مليار يورو، إذ سيكون من ضمنها ستة مليارات لدين الدولة المستحق، و5,1 مليار يورو للمالية العامة.

هاهي ذي قبرص إذاً، التي طبقت مجموعة قاسية من إجراءات التقشف من ضمنها زيادة الضرائب وخفض النفقات، تدخل برجليها منطقة التعذيب الأوربي التي صنعها سلفاً المرابون الدوليون على طريقة قطع الأرزاق قبل قطع الأعناق. إذ يدعونها، كما دعوا غيرها من دول الاتحاد، التي تُعاني مثل قبرص  أزمات المديونية الخانقة، إلى المزيد من إجراءات التقشف القاسية.. ولعلنا نذكر الخطاب الذي ألقاه الرئيس القبرصي ديمتريوس خريستوفياس بمناسبة رأس السنة الجديدة، وشنّ فيه هجوماً لاذعاً على السياسات التي يفرضها الأعضاء الأكثر ثراءً في الكتلة الأوربية على الأعضاء الأكثر فقراً. وقال: (لن تنجح تلك السياسات في إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية الناجمة عن الأزمة، بل بالعكس ستُفاقم الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية). وكان الرئيس القبرصي بالمناسبة قد سعى بقوة للحصول على قرض من روسيا، في محاولة منه ومن أنصاره لتجنب ما أسماه بالشروط العقابية التي لا مفر منها لإبرام صفقة الإنقاذ الأوربية.

من المفيد أن نُذكّر أخيراً بأنّ جزيرة قبرص السياحية الصغيرة في عرض البحر الأبيض المتوسط كانت قد اعتمدت إجراءات تقشفية قاسية تلبية لشروط الدائنين من منطقة اليورو وصلت إلى أكثر من مليار يورو بشكل اقتطاعات ممتدة إلى 4 سنوات، أبرزها الاقتطاعات من رواتب الموظفين الحكوميين وتجميد زيادات الاجور المرتبطة بمؤشرات حتى ،2016 إضافة إلى زيادة الضرائب على السجائر والكحول والبنزين.. والحبل على الجرّار، كيما يطبّق أغنياء القارة العجوز (سلوغوناهم) القائل بأنّ مستقبل أوربا الموحدة هو البطالة والفقر والعوز والحرمان والتشرد!