حدث في جرمانا.. والدويلعة!

انتشرت في جرمانا، على مدى أكثر من ساعتين من مساء السبت 6 أيلول 2014 موجات من التساؤل والقلق المتصاعد، أثارتها أخبار وتحذيرات من دخول المسلحين إلى بعض أحيائها، قادمين من الدخانية (وهو واحد من أحياء العشوائيات، يتبع إدارياً لمدينة جرمانا، ويتصل بحي القريّات وكرم صمادي، ويشكل امتداداً للدويلعة والكباس، على يمين الطريق الذي يتجه من باب شرقي إلى المليحة فالغوطة الشرقية، وإلى يسار هذا الطريق يقع وادي عين ترما).

تصاعدت هذه الموجات، تباعاً، لتصبح خوفاً ورعباً أربك الكثيرين، وحمل البعض من سكان الدخانية ما استطاع حمله من حقائب وأغراض، وراح يركض مع أفراد أسرته مبتعداً باتجاه وسط جرمانا، وقد بدت على وجوههم علامات الهلع. ورغم أنه لم تسمع أصوات اشتباكات أو إطلاق نار، قبيل الغروب، فإن عدوى الرعب انتقلت تباعاً.. وقد فاقمها أن البعض تحدث عن عناصر يرتدون بدلات مموهة (يبدو أنهم من لجان الدفاع الوطني) كانوا يركضون، ويوجهون للمارة تعليمات لا تخلو من تناقض مثل: (اهربوا)! (عودي إلى بيتك يا خالة)! ويطلبون من الباعة وأصحاب المحلات: (سكّروا.. سكّروا)! وسرعات ما استجاب أصحاب المحال والبقاليات وراحوا يسكّرون أغلاق محلاتهم باستعجال، وبالتتابع، ويركضون إلى بيوتهم، ما جعل حالة الرعب تنتشر بسرعة أكبر.. ولكثرة الاتصالات التي جرى تبادلها، تعرضت شبكات الاتصال لفترات متفاوتة من التوقف والانقطاع.

بعد السابعة مساءً دارت سيارة (وربما أكثر من سيارة) في أحياء جرمانا تكرر من مكبرات الصوت جملة: (يا أهالي جرمانا الكرام.. لا تصدقوا ما يقال)!

في الثامنة والنصف تقريباً ظهر على شاشات بعض المحطات السورية محافظ ريف دمشق، يتحدث مع المراسلين من ساحة الرئيس في جرمانا، ويطمئن بأن ما تردد عن دخول مسلحين غير صحيح، ولا شيء يحدث في جرمانا.

بدا الارتباك واضحاً، وكذلك الارتجال، في تصرفات الكثيرين وخاصة من الجهات الرسمية والقوى المسلحة، وكان ذلك مما فاقم القلق والخوف لدى المواطنين.. وجعل البعض يستذكرون ما جرى في مدينة عدرا العمالية في أواخر العام الماضي، ومايزال هناك من يخشى من تكرار ذلك في جرمانا وفي غيرها.

ما حدث  في جرمانا والدويلعة والكباس والدخانية يدل على حالة القلق التي تنتاب المواطنين السوريين بعد أربعين شهراً من العنف.. والإرهاب والتخريب.. والقتل، وقد آن الأوان لإنهاء الأزمة السورية عبر الحلول السياسية.

– يجب الانتباه دائماً إلى سلوك الناس الخائفين.. والعمل بسرعة قصوى لتطمينهم، قبل أن يتحول هذا السلوك إلى فعل يضر باستقرار وهدوء أي تجمع سكني.

– توجيه الإعلام الرسمي للعب دور أساسي وواضح وسريع في تطويق حالة الرعب والخوف، في الحالات المماثلة.

– ضبط الأمن في أي تجمع خائف وقلق تجنباً لاستغلاله من قبل ضعاف النفوس واللصوص.

– المسؤولون في المجتمعات المحلية مطالبون بأداء دورهم المهدئ والواعي.. لا الانسياق وراء الإشاعات وترديدها.

 

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024