تتعلم دون عيون وذاكرة

 لعل حصان طروادة الأول في صراع البقاء، والذي لا يمكن لمن يراه من الخارج التكهن بما في جوفه.. هو ثمار جوز الهند فلا يوجد شرح تفصيلي علمي منطقي للكيفية التي طورت فيها شجرة جوز الهند ثمارها لتجتاز المحيطات التي تسوِّرُ أراضي هذا الكوكب دون ضرر وصولاً إلى معظم قارات العالم وجزره.

فثمرة جوز الهند ذات قشرة تقيها ملوحة الماء وضرر الاحتكاك المستمر بذرات الماء والمطر، وفي جوفها تحوي الهواء كي تطفو، وتحوي سائلاً غنياً بالمواد المغذية كي تضمن النمو والبقاء في حال وصلت إلى سواحل لا ماء عذباً فيها.. والسؤال الذي يطرح: كيف عرفت شجرة جوز الهند أن خلف المحيطات هناك يابسة؟  وكيف يمكن للأجسام أن تطفو فوق الماء، وأن تتقي خطر ملوحة البحر وهي ثابتة لا تمتلك عيوناً لتراقب أو ذاكرة لتتعلم من التجربة؟!

وإن كان بإمكان الكائنات الحية التطور والتعلم بطرائق نعلمها وطرائق أخرى لا نعلمها أليس حريّاً بالإنسان الذي قاده جنون الرأسمالية وجشعها إلى تهديد كل الكائنات الحية انطلاقاً من الغابات المطرية والاستوائية وما يعيش فوق الأرض وصولاً إلى مايعيش تحت الماء.. أليس حرياً به أن يخشى تطور كل الكائنات التي يهددها بسموم سائلة وغازية وربما كائنات مكروبية قادرة على الفتكِ به؟ أليس من السذاجة الاعتقاد بأن إنتاج المواد القاتلة للبشر من سموم وغيرها سيبقى حكراً فقط على العقارب وبعض أنواع الزواحف؟ أم أن الكائنات القديمة والعظيمة ستنتج مع تقادم الزمان أحصنة طروادة تكافح بها الكائن البشري الذي أحاله النظام الرأسمالي إلى كائنٍ شاذ مِتلاف عبثي يستهلك ما يحتاجهُ وما لا يحتاجهُ على حساب الحياة الطبيعية؟!

العدد 1105 - 01/5/2024