مركزية الحزب الشيوعي السوري الموحد: مهمتنا الدفاع عن الوطن ضد الإرهاب والغزو المحتمل.. وأوباما يهدف إلى الهيمنة تحت غطاء القرار الأممي

عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد يوم الجمعة 12 أيلول 2014 اجتماعاً موسعاً بدمشق حضره رئيس لجنة الرقابة وأعضاؤها، وممثلو عدد من اللجان المنطقية في المحافظات.

افتتحت هيئة رئاسة اللجنة المركزية الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء الحزب والوطن.

وقدم الرفيق حنين نمر، الأمين العام للحزب بعد ذلك تقريراً عن الأوضاع السياسية التي استجدت منذ الاجتماع السابق حتى اليوم.

وأوضح التقرير أن الأحداث تسارعت سرعة مذهلة، وكان أبرزها استيلاء (داعش) على أجزاء واسعة من العراق وبضمنها الموصل في حزيران الماضي، مما شكل بداية مرحلة نوعية جديدة في الصراع المتفجر في المنطقة، استندت إليها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ذريعة لزيادة تدخلها العسكري وفرض شروطها التي تناسب مصالحها، مستغلة الفظائع التي ارتكبها (داعش) وعمليات التنكيل والتهجير للمواطنين العراقيين ،وخاصة للمسيحيين والإيزيديين منهم، في بُعد تستفيد منه إسرائيل بالدرجة الأولى.

ومع تطور الأحداث وتفاعلها صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2170 تاريخ 15آب 2014 بالإجماع، ونص على فرض العقوبات ضد (داعش) و(النصرة) والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة، وضد من يزودها بالسلاح والأموال وغيرها، في إطار الفصل السابع. ورغم أن هذا القرار فتح الطريق لتشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لمحاربة الإرهاب تحت مظلة مجلس الأمن وقراراته، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل، كعادتها، على الانفراد والهيمنة، فأنشأت تحالفاً من أصدقائها لمكافحة الإرهاب على طريقتها رافضة التنسيق مع الحكومة السورية،مما يثير الشكوك بأن لهذا التحالف أهدافاً أخرى، وفي مقدمتها ضرب الجيش العربي السوري، بل تدمير كيان الدولة السورية وكل القوى المقاومة العربية في المنطقة، تحت اسم مكافحة الإرهاب.

ويردد أوباما (إن التدخل الدولي المسلح ضد داعش والنصرة يجب ألا يستفيد منه النظام السوري)! وقد طلب مؤخراً موافقة الكونغرس على تقديم 500 مليون دولار لمساعدة المعارضة السورية (المعتدلة)،هذه المعارضة التي ترتكب المجازر بحق الشعب السوري.

لقد أوضح أوباما في خطابه خطة أمريكا وحلفائها، ولم تخالف هذه الخطة توقعاتنا، فهي تستبعد مشاركة روسيا وإيران وسوريا،وهم المعنيون بتداعيات الإرهاب الداعشي، وتمهد لعودة أمريكا إلى الهيمنة على الشرق الأوسط من باب الشرعية الدولية .

وأشاد التقرير بالموقف السوري الذي جاء بلسان وزير الخارجية وليد المعلم،إذ كان واضحاً، وقاطعاً: (إن سورية تؤيد قرار مجلس الأمن، وإن أي عمل عسكري على الأراضي السورية دون تنسيق مسبق يعدّ عدواناً). وهذا الموقف يلقى تأييد روسيا وإيران، وقد برز ذلك في أكثر من تصريح لمسؤولين في البلدين وغيرهما.

وأكد التقرير موقف الحزب الشيوعي السوري الموحد في هذا المجال : فنحن نؤيد كل ما يؤدي إلى تخليص البشرية من هذا السرطان المسمى (داعش)، ولكن بما لا يتعارض مع سيادتنا الوطنية ووحدة أراضي سورية، وبما يضمن الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، يوقف نزيف الدم السوري، ويؤمن إنقاذ الوطن واستعادة سيادته، ويضع سورية في طريق التغيير الديمقراطي السلمي وفي رحاب الدولة العلمانية المدنية. أما ما تردد على لسان أوباما من استفراد في تطبيق القرار الأممي، وما تتضمنه خطته العسكرية بالمشاركة مع حلفائه الأوربيين والخليجيين،وما تنوي السعودية القيام به من تدريب وتسليح وتمويل للمعارضين (المعتدلين)، فلا يصب في مكافحة الإرهاب، ولا المساعدة على استعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة،بل هو غزو..وتهديد لكيان الدولتين الرئيسيتين فيها وهما سورية والعراق.

وتطرق التقرير إلى الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في  غزة أثناء مقاومته لآلة الحرب الصهيونية،وأكد أهمية استثمار هذا الصمود في أي حل تفاوضي يضمن للشعب الفلسطيني حقه في العودة وتقرير المصير، ورفض أي حل استسلامي،وبين التقرير ضرورة تلاقي جميع فصائل المقاومة للحفاظ على صمود الشعب الفلسطيني.

التقرير الاقتصادي الاجتماعي

كما استمعت اللجنة إلى تقرير اقتصادي اجتماعي قدمه الرفيق فؤاد اللحام، عضو المكتب السياسي جاء فيه:

تشهد سورية منذ عدة أشهر تطورات اقتصادية واجتماعية خطيرة.

إن استمرار إجراءات المقاطعة والحصار التي فرضت على سورية يدفع ثمنها المواطنون السوريون ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ليس فقط في المناطق المشتعلة بل على نطاق البلاد بشكل عام، ما دفع أعداداً كبيرة جداً من السكان إلى النزوح والهجرة إلى الداخل وإلى الخارج وأن ترتفع نسبة البطالة إلى نحو 54%.

وأضاف التقرير: زاد ارتفاع سعر القطع الأجنبي من حدة كابوس الغلاء الذي يرزح على صدور السوريين، وماتزال الأسعار في ارتفاع دائم والأسواق في فلتان لم تنفع فيها تصريحات المسؤولين ولا عدد المخالفات المسجلة والمعلن عنها، فقد بلغت الأسعار مستوى غير مسبوق يتراوح بين 3 إلى 5 أضعاف مما كانت عليه قبل الأزمة. وما يثير الغرابة فعلاً التصريحات الحكومية التي تتباهى بتوفر كل شيء من السلع في الأسواق دون أن يسأل هذا المسؤول أو ذاك ممن أطلق مثل هذه التصريحات من يقدر على شراء هذه السلع الموجودة؟

وأكد التقرير أن نهج السياسة الليبرالية الاقتصادية الذي كان متبعاً قبل نشوب الأزمة والذي كان واحداً من أسبابها ما يزال حاضراً حتى الآن في ذهن الجهات الحكومية المعنية وأفعالها، وما تزال

جولات نوعية في الانفتاح غير المدروس على القطاع الخاص من خلال إقرار قانون التشاركية واتفاقات شركة أسمنت عدرا وطرطوس التي تمت بشكل مباشر مع مستثمر واحد دون إعلان استدراج عروض لهذه الغاية وفتح باب المنافسة أمام العارضين الذي كان من شأنه تحقيق الشفافية في العمل وتحقيق مكاسب ونتائج أفضل لصالح القطاع العام. إن اتباع مثل هذا النهج يثير مخاوف جدية حول التعامل مع القضايا الاقتصادية والخدمية في مرحلة إعادة الإعمار، فهذا النهج يهيئ البيئة المناسبة لفساد هائل قادم لا يشكل الفساد الحالي سوى جزء يسير منه.

إننا نرى أن أولويات المرحلة المقبلة التي يجب أن تعتمدها الحكومة:

1- توفير المستلزمات الضرورية لحياة المواطنين بأسعار مدعومة تتناسب مع إمكانياتهم الفعلية وقدراتهم الشرائية.

2- توفير الظروف المناسبة لإعادة ما يمكن من النازحين والمهجرين داخل الوطن وخارجه.

3- تأكيد دور الدولة الإنمائي والرعائي، وتملكها وإدارتها للمرافق الاستراتيجية وتلك المتصلة بالسيادة والأمن الوطنيين.

4- تقديم التسهيلات الفورية الضرورية للمنتجين في قطاعات الزراعة والصناعة والنقل ومعالجة مسألة تعويض المنتجين المتضررين.

5- تشكيل فرق عمل قطاعية متخصصة من الجهات الحكومية المختصة وممثلي القطاع الخاص المعنيين والخبراء المختصين، لوضع التصورات والبرامج لتأهيل وإعادة تشغيل القطاعات الاقتصادية الأساسية..

6- مكافحة الهدر والفساد والتهرب الضريبي.

7- تأكيد التعددية الاقتصادية – التفاعلية وليست الشكلية.

8- إقرار وتنفيذ برنامج متكامل لإصلاح القطاع العام في أقرب وقت ممكن وضمن فترة زمنية قصيرة يضمن توفير البيئة التشريعية والتنظيمية والإدارية والمالية المناسبة التي تضمن نجاحه.

نشاط المكتب السياسي بين اجتماعي المركزية

واستمعت اللجنة المركزية إلى تقرير عن عمل الحزب بين اجتماعَيْ اللجنة المركزية، قدمه الرفيق نجم الخريط، عضو المكتب السياسي، تناول عمل الحزب والمكتب السياسي وأهم الفعاليات والأنشطة التي قام بها.. ومن ذلك متابعة التنفيذ لقرارات اللجنة المركزية وتوصياتها في اجتماعها السابقة، وبحث التطورات السياسية والاقتصادية – الاجتماعية ومتابعتها، واتخاذ المواقف المناسبة وصولاً إلى الوضع التنظيمي، ووضع المنظمات والرفاق وعمل المكاتب المركزية.

وأشار التقرير إلى الاتصالات والتواصل مع منظمات الحزب والزيارات التي قام بها الأمين العام والمكتب السياسي إلى منظمات الحزب، وأكد ضرورة بذل جهود أكبر لتحسين الصلة وزيادة الزيارات الميدانية.

وبيّن التقرير أنه شكلت لجان تحضير المؤتمر الثاني عشر للحزب التي بدأت عملها، وهي مفتوحة لأعضاء اللجنة المركزية ولجنة الرقابة.

كما قدم التقرير إخباراً عن الأعمال والأنشطة المكرسة لإحياء الذكرى التسعين لتأسيس الحزب، مبيناً أهمية إحياء هذه المناسبة بما يليق بتاريخ حزبنا ودوره.

وعرض صلات الحزب مع القوى السياسية الوطنية والأحزاب الشيوعية الشقيقة، في إطار تبادل الآراء وتنسيق المواقف، بهدف مساندة ودعم وطننا وشعبنا في مواجهة ما يحاك من مؤامرات تستهدف استقلاله وسيادته.

وقدم مسؤولو مكاتب اللجنة المركزية (التنظيمي، المنظمات المهنية، الاقتصادي، العمالي والفلاحي، الشباب) عرضاً عن نشاطات مكاتبهم والمهام المطلوبة خلال الفترة القادمة.

– استنتاجات ومهام

وانتهت التقارير بعد ذلك إلى حزمة من المهام والاستنتاجات الموضوعة أمام الحزب وهيئاته وأعضائه، أبرزها:

1 – الدفاع عن الوطن يبقى مهمتنا الأساسية والرئيسية، ولا تهاون أو مهادنة فيها.

2 – رصّ صفوف الحزب، وتوحيد جهود القوى الوطنية ضد التدخل الأجنبي المسلح وضد المجموعات الإرهابية.

3 – السعي إلى عقد مؤتمر وطني لكل الفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية التي تلتقي حول الدفاع عن الوطن السوري ضد أي اعتداء خارجي وضد الإرهاب من أجل وقف نزيف الدم السوري والوصول إلى حل سياسي يحفظ أرواح المواطنين ويضمن خروجاً آمناً من الأزمة التي تعصف بالبلاد.

4 – تعزيز عملية المصالحات الجارية ورفعها إلى مستوى المصالحات السياسية الوطنية.

5 – تطبيق القوانين التي صدرت، وإطلاق الحريات الديمقراطية، والإفراج عن معتقلي الرأي من السياسيين، وإلغاء الاعتقال الكيفي.

6 – إيلاء قضايا الجماهير ومعاناتهم اهتماماً أكبر، ووضع حد لارتفاعات الأسعار ولنفوذ تجار الأزمات.

7 – إنهاء ظاهرة التجاوزات والفساد، ومحاربة عصابات الخطف.

8 – ضرورة انخراط رفاقنا في النشاطات التي تُعنى بالنازحين والمهجّرين، وتقديم كل الخدمات الإنسانية الممكنة.

وبعد المناقشة أقر الاجتماع الموسع للجنة المركزية التقارير المقدمة بعد إدخال الملاحظات والاقتراحات عليها.

دمشق في 12 أيلول  2014

 

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي السوري الموحد

العدد 1107 - 22/5/2024