طبقة البروليتاريا في سورية تتسع على حساب المرأة أكثر من أي وقت مضى

 ازداد إقبال النساء على العمل بسبب غلاء المعيشة وانخراط الذكور بأعمال لم تكن تعرفها البلاد قبل 5 سنوات، ألا وهي أعمال الإغاثة والأعمال الحربية إضافة إلى موت وهجرة وإصابة عدد ليس بقليل من الذكور في السنوات المنصرمة. وقد بتنا نرى النساء في مهن لم يكن هناك إقبالٌ عليها من قبلهن كالتطوّع ضمن الدفاع الوطني وصفوف الجيش، أو العمل في خدمة الزبائن في المقاهي، فقد كنّا نرى الفتيات يعملن في خدمة الزبائن في الفنادق الفخمة فقط، أمّا اليوم فكيفما اتجهنا بأبصارنا نرى النساء جنباً إلى جنب مع الرجال في معظم المهن حتى تلك التي تتطلب مجهوداً عضلياً، وهذا إن دلَّ على شيء فهو يدل على مقدار تفاني النساء، فرغم أنهن أضعف من حيث البنية الجسدية من الرجال، إلاّ أنهنَّ قادراتٍ على القيام بأيّ عمل يقوم به الرجال تقريباً، إضافة إلى مهامهن المنزلية والأسرية. وفي المجتمعات الغربية نجد مدرّبات كمال أجسام من الإناث بمقدار لا يقلُّ بكثير عمّا نجده من المدربين الذكور في هذه الرياضة الشّاقّة جداً.

ولكن بالنسبة لارتفاع نسب المرأة العاملة في مجتمعنا في ظل هذه الأزمة، نجد أنفسنا أمام حالتين.. الأولى هي المرأة التي تتمتع بمهارات مهنية أو كفاءات ولم تكن تعمل بسبب معارضة زوجها أو محيطها الاجتماعي لفكرة عمل المرأة.. واليوم بات مُتاحاً استثمار تلك الطاقات أكثر من أيّ وقتٍ مضى. والسؤال هنا.. هل هذا من شأنه انتزاع فكرة معارضة عمل المرأة من العقول إلى الأبد؟ أم أن الفكرة ستعود إلى العقول بزوال الحاجة المُستجدّة؟

والحالة الثانية هي المرأة التي اختارت أن تكون ربّة منزل وأنجبت العديد من الأولاد مُعوّلة على تفرّغها للاهتمام بهم. اليوم اضطرت الكثير من النساء للعمل وهنَّ كارهاتٍ له، فجاء ذلك على حساب أُسَرِهنَّ.

ولكن السؤال الأهم.. وسط هذه الفوضى وانتهاك حقوق الناس وحرماتها التي نراها عبر شاشات التلفزة يومياً من قبل المعتدين على سورية، ووسط تصاعد نسب الأمراض والاضطرابات النفسية التي تُرافق الحروب عادة، وتُصيب المنخرطين في الأعمال الحربية من جميع الأطراف، ووسط تدني الأجور لدرجة تُهين الكادحين وفي ظل تنامي الطبقية حيث يُعيْنُ الفاسدُ التُّجّارَ على الإثراء السهل، ويُعيْنُ التاجرُ الفاسدَ على المزيد من الإثراء السهل.. هل إقبال المرأة على الانخراط اليوم في ميادين العمل كافةً، ميزة أم أنه شروعٌ منها في تحمّل مسؤولية وظلم ترزح تحته البروليتاريا التي كان الذكور يشكلون معظمها؟

أنا لستُ فرحاً باضطرار الكثير من النساء إلى الكدح خارج منازلهن، إضافة إلى مسؤولياتهن الجسام داخل المنزل، إلاّ مَن كنَّ يرغبن في ذلك.. ولعل بتر الفساد وكيَّ منابتهِ كان سيُغني عن ضخِّ المزيد من اليد العاملة والطاقات البشرية.. لأننا باعتقادي في حاجة إلى ترشيد الطاقات لا مضاعفتها في ظلّ الاستغلال والطبقية المتنامية.

العدد 1105 - 01/5/2024