البرتغال… ولعنة اليورو

منذ وقت قصير استقال وزير المالية المستقل فيكتور كاسبار من الحكومة اليمينية التي يرأسها بيدرو باسوس كويهلو التي تحكم البرتغال منذ شهر حزيران عام ،2011 احتجاجاً على سياسة التقشف التي تفرضها الترويكا المؤلفة من الاتحاد الأوربي، والمصرف المركزي الأوربي، وصندوق النقد الدولي. والتي أدت إلى احتجاجات النقابات العمالية والمستثمرين على حد سواء. ولذلك طلب رئيس الجمهورية من الأحزاب الموالية والمعارضة وضع خطة إنقاذ اقتصادي، تحدّ من التأثيرات السلبية التي تتسبب بها سياسات التقشف المفروضة على البلاد.

أدت السياسات الاقتصادية الجديدة إلى زيادة الصادرات، وخاصة إلى الدول خارج الاتحاد الأوربي، وتقلص العجز التجاري. ولكن المشكلات البنيوية ظلت على حالها، من ناحية الديون السيادية، ونسبة البطالة التي بلغت 18 بالمئة. وقد أغلقت الشركات الصغيرة أبوابها وهي تبلغ 95 بالمئة من الشركات المحلية، ولذلك تطرح الأسئلة حول تعافي الاقتصاد في مهلة زمنية قصيرة.

في هذا الوقت تستمر الحكومة في تقليص موازنة التعليم والضمانات الاجتماعية، ويقترح الخبراء الاقتصاديون أخذ الحكومة أمورها بأيديها وإعادة العلاقات الاقتصادية إلى سابق عهدها مع البرازيل وأنغولا، وهي الدول التي كانت مستعمرات برتغالية من قبل، وعدم اقتصار الصادرات على الأحذية فقط.

تنوي الحكومة أيضاً جعل البرتغال مركزاً للخدمات والسياحة، واستغلال الموارد البشرية فيها. إذ إن في البرتغال عدداً كبيراً من المهندسين والأطباء والخبراء، وجامعات عريقة ومستشفيات عالية المستوى. وتهدف تلك الحملة الدعائية إلى حث المواطنين في أوربا الشمالية على قضاء فصل الشتاء في البرتغال، ذات الطقس المعتدل. ولكن هل يكفي كل ذلك؟

يقول جاو فيريرا دي آميرال، مدير المعهد العالي للاقتصاد في لشبونة، إن عملة اليورو تشكل لعنة بالنسبة للاقتصاد البرتغالي. مما يجعل الصادرات إلى بلدان العالم غالية الثمن، بحيث يصعب تسويقها. وقد انصب اهتمام المستثمرين على الشركات التي تبيع السلع الاستهلاكية وعلى الشركات التجارية الأخرى، وامتنعوا عن الاستثمار في شركات الإنتاج والتصنيع. ويزيد من المشكلات الاقتصادية في البرتغال دخول الصين إلى المنظمات التجارية الدولية. ويعني ذلك صعوبة تصدير البرتغال لسلع النسيج والأحذية، لأن السلع الصينية أرخص. ويقول الخبير الاقتصادي آميرال إن البرتغال تخطت الزمن الصعب، على الرغم من ركود الاقتصاد. تردُّ البرتغال على التحديات الاقتصادية الخارجية رداً خاطئاً، ولذلك تتجه داخلياً إلى قطاع الطاقة والاتصالات. كما ترتفع ديون القطاع الخاص المعتمد على الاستهلاك، وبسبب الفائدة المصرفية المرتفعة ينهار النموذج الاقتصادي كله. يقترح الاقتصادي آميرال الخروج من منطقة اليورو النقدية، وإعادة العملة القديمة (الإسكودو) مع رفع قيمته بنسبة 30 في المئة، وذلك من أجل زيادة الصادرات وإعادة النمو. لكن ذلك يؤدي إلى عزلة سياسية للبرتغال، وإلى وقوع البلاد في فوضى التضخم والطفرة. ولذلك يرفض وزير الاقتصاد سانتوس بيريرا الفكرة رفضاً قاطعاً، ويقول إن سبب المشكلة هو ارتفاع الفائدة. ولذلك فإنه لا حل حالياً.

 

عن (السفير)

العدد 1107 - 22/5/2024