أزمة المولدات الكهربائية في حلب

على هامش أزمة الكهرباء في حلب انتشرت المولدات الكهربائية بسرعة مذهلة، تجدها في جوانب الشوارع أو في أطراف الساحات والقليل منها في دكاكين أو مستودعات تصك الآذان بضجيجها، وامتدت أسلاك التغذية في الشوارع بالطول والعرض، بعضها عالٍ وبعضها مدلى، بعضها ثابت وبعضها يلوح في الهواء.

ولاشك أن هذه المولدات حلت أزمة الكهرباء في حلب نسبياً، فخففت عتمة ليل أبنائها، وشغلت تلفزيوناتهم وبراداتهم وغسالاتهم ليبقوا على صلة بأخبار الدنيا وليستطيعوا حفظ أطعمتهم وغسل ثيابهم، وهم المحاصرون تقريباً ومنذ أكثر من سنتين ونيف، لكنهم بنفس الوقت خضعوا على مضض لتحكم أصحاب المولدات خضوع المضطر الذي ليس أمامه حل آخر.

وقد أصبحت هذه (المصلحة) أي استثمار توليد الكهرباء مع تفشي البطالة وضيق مصادر الرزق أحد أبواب الاستثمار للقادرين على شراء مولدة كهربائية، والقادرين على تأمين مكان لها وحمايتها وصيانتها وتأمين المازوت اللازم لتشغيلها (من السوق السوداء طبعاً).

وقد تراوحت أسعار بيع الكهرباء من منطقة إلى أخرى بين 500 ل. س إلى 700 ل. س مقابل (6 إلى 10) ساعات تشغيل في اليوم الواحد لمدة أسبوع للأمبير الواحد، حسب طمع المستثمر وحسب حجم مولدته ومردودها، واخترع البعض طريقة أخرى للتحصيل حسب عدد ساعات التشغيل، فالساعة للأمبير الواحد بين 120إلى 150 ل. س، وذلك لعدم ثبات ساعات التغذية الكهربائية من مؤسسة الكهرباء من يوم إلى آخر، وهذا يكلف شهريا إذا اشتركت عائلة بأمبيرين فقط (لا يمكن بأقل من ذلك تشغيل براد متوسط الحجم ومضخة المياه، كلاً على حدة) نحو 4300 ل. س في الحد الأدنى.

وعندما زادت شكاوي المواطنين من جشع المستثمرين ارتأت المحافظة التدخل لتنظيم الأسعار والحد من الاستغلال، رغم أن استثمار القطاع الخاص للكهرباء مخالف للقانون، ولكن للضرورة أحكام ! فسعرت الأمبير الواحد بـ 350 ل. س مقابل 10 ساعات تشغيل يومياً لمدة أسبوع، على أن تؤمن هي المازوت لأصحاب المولدات 8 ليتر أسبوعياً للأمبير بالسعر النظامي، تحت طائلة غرامة مالية في حالة المخالفة الأولى وحجز المولدة إذا تكررت، وهنا دخلنا بمشاكل من نوع آخر، بعض المستثمرين أوقفوا مولداتهم، والبعض الآخر لم يلتزم بالسعر المحدد.. فإذا أضفنا إلى ذلك التأخير وعدم التزام المحافظة بتوزيع المازوت على أصحاب المولدات بانتظام، نجد أن مشكلة الكهرباء في حلب بقيت معلقة تنتظر حلاً من نوع آخر.

المولدات الخاصة ليست حلاً بسبب تأثيراتها الضارة على البيئة من ضجيج وتلوث، كما أنها يمكن أن تضر بالتجهيزات الكهربائية، علاوة على أنه لا يمكن تشغيل الأجهزة الكهربائية ذات الاستطاعة العالية كالبرادات الكبيرة والغسالات وغيرها، ويبدو أن الحل الأفضل هو استعادة المحطة الحرارية وإعادة تشغيلها، أو أن تقوم الدولة بشراء عنفات غازية باستطاعات كبيرة لتغذي الأحياء في المدينة، وهذه العنفات صغيرة الحجم وسهلة التركيب والتشغيل وتعمل على المازوت أو الغاز، وبانتظار ذلك ستبقى مشكلة الكهرباء في حلب تنتظر حلاً.

العدد 1104 - 24/4/2024