السواعد السمراء.. نكران الذات.. من أجل الوطن

ارتبط تاريخ سورية الحديث بنضال الطبقة العاملة السورية، وكان لتفانيها ونضالها الطويل الأثر الأكبر في بناء سورية الحديثة الخارجة من احتلال عثماني بغيض دام قروناً، واستعمار فرنسي غاشم.

فمن نضالها الطبقي ضد الاستغلال الذي مارسته الفئات المستغِلة إلى سعيها لتكوين جمعياتها، ومن ثم اتحادها العام الذي كان الوعاء التنظيمي، والأداة الفاعلة في تجسيد طموحات الطبقة العاملة السورية، إلى استلامها المبادرة الكبرى من أجل بناء سورية الجديدة التي ارتفعت في سمائها مداخن المصانع، وشُعَل آبار النفط، وزينت أراضيها سكك الحديد والطرقات الحديثة، والأبنية السكنية، وأنارت مدنها وقراها خطوط الطاقة الكهربائية المولدة في سد الفرات العظيم ومحطات التوليد الحديثة، كانت خلال العقود الماضية بحق اليد العليا في المجتمع السوري.

لكن جهود العمال السوريين وتضحياتهم من أجل بناء البلاد لم تُقابَل في العقود الماضي بما يوازيها من اهتمام حكومي. صحيح أن العمال السوريين حصلوا على مكاسب وحقوق تتعلق بالضمان الاجتماعي والصحي ومنع التسريح التعسفي وحضور ممثليهم في مجالس الإدارة وفي الهيئات السياسية العليا، لكن الصحيح أيضاً أن أجورهم كانت ومازالت لا تتلاءم مع الجهود التي يبذلونها في جميع جبهات العمل، ولا مع الزيادات المستمرة في أعباء الحياة المعيشية، وأنهم كانوا ومازالوا عرضة لسياسات اقتصادية محابية للرأسمال، ومهمشة لمطالب الفئات الفقيرة والمتوسطة وعلى رأسها الطبقة العاملة.

لقد وقفنا في الماضي، ووقف غيرنا أيضاً، إلى جانب المطالب المشروعة للعمال السوريين في مواجهة الاستغلال الطبقي، ومن أجل العدالة الاجتماعية والحريات النقابية، ونقف اليوم مع العمال السوريين وبقية فئات المجتمع في مواجهة خطر الإرهاب، والتفتيت الطائفي، ومن أجل الحفاظ على سورية الموحدة، وكيانها ووحدة أراضيها، ونثمن عالياً التضحيات التي قدمتها الطبقة العاملة السورية، والتي وصلت إلى مستوى نكران الذات والاستشهاد أثناء إصلاح وإعمار ما خربته وهدمته يد الإرهاب التكفيري، كما نقف معها في مطالبها المشروعة بزيادة أجورها والحفاظ على مكاسبها التي جاءت إثر نضالها الطويل، ومواجهتها للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية، وخاصة إلغاء الدعم الحكومي لأسعار المواد الأساسية للفئات الشعبية، ونقف معها في اعتماد كل أشكال النضال المطلبي لتحقيق أهدافها، وبضمنها حق الإضراب.

نتمنى لعمالنا، وهم يعقدون المؤتمر السادس والعشرين للاتحاد العام لنقابات العمال، النجاح في الحفاظ على وحدة الطبقة العاملة السورية، وتحقيق مطالبهم السياسية والنقابية والاجتماعية.

العدد 1105 - 01/5/2024