نقاط على الحروف

وقبل أن تفتك الحرب بخارطة بلدي الجميل كنّا نحارب داخلياً من أجل بعض القضايا ونُفكر في القضاء على الأزمات التي تقضُّ مضاجع الحياة الهادئة الراقية التي نأمل (بطالة، أزمة سكن، تسرب مدرسي…الخ) ومازالت المساعي ذاتها موجودة.

_ لكن الموازين والمعطيات باتت مُختلفة تماماً، فالحرب لم تقلب الموازين بل دمرتها للأسف.

 فكيف جرى التعامل مع هذا الأمر؟

_ قضية البطالة على سبيل المثال التي كانت الشغل الشاغل وحديث المجالس مُنذُ نعومة أظافري حتى صرت أخاف من الغد وكيف سأهرب ذات يوم من ذلك الشبح، وأيُّ الطرق أنفع؟

_مكتب، تشغيل مسابقة واسطة، فرعٌ جامعيّ رائج ومطلوب!؟

في حينه كانت نسبة البطالة تتراوح بين (6- 8%) أما اليوم فتُشير الإحصائيات ورغم هجرة الكثير من الشبان إلى نسبة (54%) يا إلهي! نسبة مُخيفة!

لكن وعلى أرض الواقع كيف تتعامل الدولة مع هذه النسبة التي ندرك سبب زيادتها تماماً، فالمنشآت المدمّرة قتلت معها فرص آلاف العمال، وكذلك تلك الخاصة التي أغلقت أبوابها، أو قلّصت عدد عمّالها بسبب ضغط النفقات، إضافة إلى كثير من الأسباب التي باتت اليوم معروفة، لكن الفكرة في العلاج.

فما نراه اليوم هو طرح مسابقات لاختيار المؤهلين لوظائف شاغرة، والملاحظة المهمة أن 50% من الشواغر لذوي الشهداء وهذا حقهم، لكن أن يكون الباقي لعموم الشباب من الجنسين وبلا أمل أو نتيجة تّذكر؟

وحين كانت نسب البطالة أقل ممّا هي عليه اليوم لم يكن لدينا حلّ ناجع للخريجين وسواهم، فكيف ستكفي مسابقات بكراسي وظيفيّة محدودة جيشاً رهيباً من الشباب؟!

هل يُريح الإعلان عن الوظائف كاهل المسؤولين؟

قد تصدعت جماجمنا من التصريحات والوعود وحالة الوطنية والقلق على مستقبل بعض الشباب التي يتقمصها بعض المعنيين، وهو غير قادر أن يسيطر على مستقبل ولده!

والمشكلة لن تقف هنا، فأبواب الكليات تُصدّر أعداداً من الخريجين تتلقفهم الحياة وينضمون إلى صفوف أسلافهم.

وحتى اليوم لم نضع النقاط على الحروف، كما يقال، فنحن لم نحدد حتى اليوم أو لم نعترف بالحلول الحقيقية.

لماذا لا نجدد دم الهيئات والدوائر بروح شبابية نستثمر فيها الأعداد الموجودة بما يتناسب مع خبراتهم والحاجة، دون الاستغناء عن السلف، وتشجيع المستثمرين ليكونوا رديفاً مهماً وعاملاً مساهماً في الحل. فالحالة النفسية للشباب تدمرهم وينجر هذا الجيل خلف متاهات ما أنزل بها من سلطان والسبب قلة وعي وعدم اهتمام، فالقوالب الإدارية والقانونية القديمة موجودة لمواجهة التفكير والتغيير.

والله أكاد اليوم لا أشعر بوجود أشخاص بحق يريدون المستقبل الزاهر للوطن فيقوموا ليغيروا وأنا أخص أصحاب القرار

مسابقاتكم تلك تحل مشكلة أو تُرقع ثوب لكنها لا تتناسب مع وضعنا الراهن فلا ثوب لنخيطه اليوم نحن نُسرق من لا تتركوا الوطن عاري لا تقطعوا شرايينه.

العدد 1107 - 22/5/2024