كيف حوّلت الحكومة عقود شركتي الهاتف النقال إلى تراخيص؟

منذ أن بدأت خدمة الهاتف النقال في البلاد، والغموض يلّفُ كل ما يتعلق بمنح التراخيص والموافقات اللازمة للمشغّلين. إلا أن ما جرى مؤخراً، يطرح العديد من التساؤلات الجوهرية الجديدة، حول الطريقة التي تدير بها الحكومة هذا الملف؟ إذ كان منتظراً، أن تستلم شركة الاتصالات السورية، قطاع الهاتف النقال، بعد أن تنتهي مدة العقود المبرمة مع الشركتين المشغلتين، وفق صيغة BOT) ) في 2017 عقب تمديدها عامين. وهذا يعني أن تفي الشركتان المذكورتان، بالتزاماتهما، وتنهيا بذلك فترة استثمارهما لهذا القطاع الرابح، وبالتالي تعود ملكية هذا القطاع، بما فيه البنية التحتية، لشركة الاتصالات.

وفي خطوة غير مسبوقة، اتخذ مجلس الوزراء قراراً يقضي بتحويل عقودBOT) ) مع الشركتين المشغلتين إلى تراخيص، ابتداء من مطلع العام الجاري. وهذا يتناقض مع الالتزامات التي تضمنتها العقود آنفة الذكر، ويبدد حقوق الدولة وخزينتها، ويحرمها من ملكية البنى التحتية، وفقاً للعقود المبرمة مع الشركتين المشغلتين. لا ينفع هنا سؤال بديهي، لمصلحة من هذا الإجراء؟ وماذا جرى تحت الطاولة لتبديل هذه العقود وتحويلها إلى تراخيص؟ فالواضح تماماً، وبما لايدع مجالاً للشك، أن خسارة الدولة من هذا الإجراء لايمكن أن تمر مرور الكرام، لاسيما في هذا الوقت، إذ يكثر الحديث عن نقص الموارد الهائل الذي تعاني منه خزينة الدولة. كما أنه يطرح أسئلة جوهرية تتعلق بمن يحق له التخلي عن ثروة كبيرة تأتي من قطاع الاتصالات، الذي يعد الدجاجة التي تبيض ذهباً؟ وفي هذا السياق لابد للحكومة أن توضح لماذا أقدمت على هذه الخطوة؟ وما الفوائد التي ستحققها؟ كما أن مجلس الشعب مطالب أيضاً، بطرح هذا الإجراء للنقاش، وتخصيص جلسة استجواب للحكومة حوله، فمال الدولة وحقوقها فوق أي اعتبار.

العدد 1105 - 01/5/2024