لمحات من زيارة وفد الكوادر الحزبية للقوى اليسارية العربية في زيارته للصين الشعبية

 بدعوة من دائرة العلاقات الخارجية، التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، قام وفد من الكوادر الحزبية للقوى اليسارية في الدول العربية، ( من 21 حزباً ينتمون لتسع دول) بجولة استطلاعية في الفترة 10 -20 نيسان 2017. زار الوفد ثلاث مدن في الصين الشعبية: بكين عاصمة البلاد، مدينة زوئيي، وشنغهاي العاصمة الاقتصادية العملاقة.

أعدت الجهة الداعية برنامجاً مكثفاً، يشمل مناقشات في القضايا الفكرية والسياسية، هدفه وضع أعضاء الوفد على أرض الواقع بصورة الإنجازات الاقتصادية التي تحققت في فترة 39عاماً، والتي ترقى إلى تسمية المعجزة، ومحاولة ربطها بمنطلقات نظرية وضعها قادة الحزب والدولة، انطلاقاً من المؤتمر الثالث عشر في عام ،1978
معتمدين تعاليم ماركس ولينين وماوتسي تونغ كقاعدة انطلاق، وتاريخ 5000 سنة من تجارب الشعب الصيني كمرتكز، للوصول إلى الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، التي تجمع ما بين الممارسة والنظرية والنظام في آن واحد.

 

المرحلة الأولى: بكين من 10-14 نيسان 2017:

بعد نجاح الثورة الشعبية سنة 1949 اتخذت بكين عاصمة رسمية لجمهورية الصين الشعبية، تعتبر إحدى البلديات المركزية الأربع في البلاد، وتقع في الطرف الشمالي من سهل شمال الصين. أهم معالمها السياحية سور الصين العظيم، المدينة المحرمة، وساحة تيان نامان.

امتازت الإقامة في بكين بالبعد الفكري والسياسي والتنظيمي، من خلال باقة من الندوات والبرامج الحوارية، سارت على الشكل التالي.

1- لقاء في مقر العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب، مع مساعد وزير الدائرة الرفيق وانغ ياجون. الذي رحب بأعضاء الوفد وعبر عن شعوره بالصداقة تجاه جميع الشعوب العربية، وأكد قدم العلاقات التي تعود لزمن طريق الحرير، وتحدث عن دعم الحزب والحكومة في الصين للدول العربية التي تعمل لحماية استقلالها. وتبذل الجهود لحل الخلافات كافة بين الدول بطرق سلمية، وتعمل على مكافحة الإرهاب، الذي لا يمكن ربطه بدين أو وطن. كما أكد حرص الصين على تمتين علاقاتها مع الدول العربية في إطار الاحترام المتبادل.

تحدث عن حضارة الصين العريقة الممتدة لـ 5000 عام وعن المنظومة الفكرية التي أسسها كونفوشيوس وزملاؤه منذ 2000 عام، وعن المعاناة التي مرت بها البلاد من خلال الحصار الاقتصادي والسياسي، وإغلاق الصين أبوابها أمام العالم، وعن تجارب الأنظمة السياسية التي مرت بها البلاد، إلى أن وصل الشعب إلى اختيار طريق الاشتراكية.

ورغم الجهود الجبارة التي نقلت الصين من دولة زراعية منغلقة إلى دولة صناعية زراعية متطورة، والتي أوصلتهم إلى ثاني اقتصاد في العالم، يصرون على كونهم دولة نامية، أمامها الكثير لإنجازه، ولا بد من بذل جهود كبيرة لكي يعيش مليار وأربعمئة مليون نسمة بكرامة. وهم يضعون في الأولوية البناء الاقتصادي الذي سينعكس بالنتيجة على التقدم الاجتماعي الشامل. رفعوا شعار (الإصلاح يجري ولا ينتهي). دخلت الصين المياه العميقة في الإصلاح (أكلنا اللحم الشهي وبقيت العظام).

3- لقاء مجموعة من الباحثين العاملين في مكتب الدراسات الأدبية للحزب الشيوعي الصيني. يعنى هذا المكتب بأرشفة وتأريخ مسيرة الحزب وتجاربه وأفكاره، والقضايا المتعلقة بالجيش. أرشفة وتوثيق مؤلفات قادة الحزب وعلى رأسهم الأمناء العامّون. توثيق الدراسات المهمة لماوتسي تونغ ، ودينغ شياوبينغ.

قدموا شرحاً مسهباً حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وكيف نشأت؟

4- ورشة عمل تحت عنوان: كيف تقيم القوى اليسارية في الدول العربية تجربة الحزب الشيوعي الصيني في حكم الدولة وإدارة الحزب وممارساته؟

ربط الخبراء إمكانية الحزب تطبيق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بأربعة أسباب:

– معرفة الماركسية بشكل علمي ومعرفة العلاقات بين القديم والحديث.

– معرفة خصوصيات البلد بشكل علمي ومعالجة العلاقات بين الناس.

– معرفة العالم بشكل علمي.

– معرفة الرأسمالية بشكل علمي، ومعرفة كيفية الاستفادة والتعلم من تجاربها وتجنب الغير مفيد.

5- ورشة عمل حول (النظريات والممارسات الاشتراكية للأحزاب اليسارية في الدول العربية)  مقدمة حول الإنجازات التنموية الكبيرة، التي حققتها الصين، مقارنةً بالفترة الزمنية القصيرة (39 سنة) منذ بداية سياسة الإصلاح والانفتاح،
بالاعتماد على الذات، مستفيدةً من النمط الصناعي في الدول الغربية المتطورة. فيما احتاجت الدول الغربية إلى 150 سنة للوصول إلى ما هي عليه، بالاعتماد على الخيرات المنهوبة من الدول المستعمرة.

وهم يؤكدون أهمية التعاون بين جميع الدول لتحقيق الفوز المشترك، لجميع شعوب العالم.

تحدثنا عن وثائق المؤتمر الثاني عشر لحزبنا، الشيوعي السوري الموحد، وعن الوثائق التي نعمل عليها الآن – رؤية الحزب لما بعد الأزمة في سورية، والمبادئ الأساسية لدستور البلاد القادم.

أكد الرفاق الصينيون أهمية اللغة المشتركة بين القوى اليسارية في العالم، وعن الاشتراكية التي تقدم نوعاً من الحضارة الأكثر تقدماً من حضارة المجتمعات الرأسمالية.

6- زيارة سور الصين العظيم، زيارة مسرح هونك (الأحمر)، وساحة تيانمان الشهيرة.

 

المرحلة الثانية: 18-20 نيسان 2017

زيارة شنغهاي – المدينة الفائقة الجمال، التي تجمع الفنون المعمارية كافة وتشمل تاريخاً من الأبنية الصينية الجميلة، ونماذج من عمارة العصر الفيكتوري الأوربي، إلى الأبنية الحديثة والأبراج الشاهقة المتنوعة في هندستها المعمارية. أكثر من 4500 ناطحة سحاب، يبلغ ارتفاع أعلاها 488 متراً.
هي ثاني مدن الصين من حيث تعداد السكان، وعاصمة البلاد الاقتصادية، وهي إحدى البلديات المركزية الأربع في البلاد، تقع في وسط ساحل الصين، جنوب مصب نهر اليانغتسي، وهي إحدى قنوات المياه الرئيسية في الصين، ويخترقها نهر هوانغبو آخر روافد نهر اليانغتسي.
ويمتد ميناء شنغهاي على طول النهر. هذا الموقع الجغرافي المتميز جعل منها مرفأً تجارياً مهماً، وأحد اكبر أقطاب الصناعة والتجارة في البلاد وفي العالم. الهدف من الزيارة، الوقوف على منجزات المدينة في عملية الإصلاح والانفتاح.
 

د. حسيب شماس

عضو المكتب السياسي

للحزب الشيوعي السوري الموحّد

 

 

 

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024