خلية النحل تغزل بإبرة وخيط

في سعيها الدؤوب للتصدي للواقع بكل قسوته مراراته، تقوم المرأة السورية بكل ما من شأنه أن يرتقي بها وبمحيطها، وبكل ما يمكن أن يُنقذ سورية مما هي فيه، لتكون جديرة بنا ونحن جديرات بأمومتها.

وفي واحدة من المبادرات النسائية التي ملأت الساحة السورية، خاصة منذ بدء الحرب التي التهمت بنيرانها كل مقومات الحياة الطبيعية للجميع أفراداً ودولة، وُلِدت مبادرة خلية النحل التي أشرفت عليها نهاية العام 2011 الدكتورة سحر البصير (طبيبة أسنان) وجاءت باكورة أنشطتها رداً على تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية،فقامت مجموعة من السيدات بقص خصلات من شعرهن لتصوغ لوحة حملت عبارة(غضب المرأة السورية) لعرضها في ساحة الأمويين آنذاك.
هذا ما أفادتنا به إحدى عضوات المبادرة الآنسة حسناء سعيد (موظفة بوزارة الصناعة) وأضافت:
إن آخر لوحة لهنّ كانت رسم خريطة سورية بقطع من الكروشيه متخذة من العلم الوطني إطاراً لها.

ابتسام المصري قالت:
ابتدأنا كخلية نحل، لنصل مع بداية عام 2017 إلى مبادرة (إبرة وخيط)، إذ تقوم العضوات المشاركات في المعرض بتقديم أعمالهن التي استخدمن فيها فقط الإبرة والخيط في تصميم البالي من الثياب أو الأقمشة المنزلية بعيداً عن أية تقنية أو تكنولوجيا، في إشارة إلى الواقع الذي تعيشه غالبية النساء، لاسيما أولئك المهجّرات والنازحات اللواتي خسرن كل ما يملكن في هذه الحرب.

السيدة جاكلين فرح أشارت إلى أن المعروضات تلقى رواجاً بين الزائرين ويجري الشراء من صاحبة القطعة مباشرة، ربما يُساعدها ثمنها مهما كان ضئيلاً في تلبية بعض احتياجاتها الأساسية،
كما أضافت أن بعض المعروضات يشتريها أشخاص خارج البلاد، وفي هذا شهرة لعمل السوريات ودأبهن في العالم.
ويُقام المعرض سنوياً في صالات تجمع دمّر الثقافي الذي يساهم على نحو إيجابي بمساعدة أولئك النساء على التعريف بإنتاجهن.

تقول السيدة نجميه القضماني (مشاركة) إن هذه المشاركة تعود علينا بالفائدة حتى لو كانت ضئيلة قياساً لما نحتاج كنازحات ومهجّرات من بيوتنا وبرفقتنا أفواه جائعة أو مريضة..
لكننا نبقى بحاجة إلى إلقاء الضوء الإعلامي على عملنا علّه يوصلنا إلى واقع أفضل.

السيدة منى داغستاني قالت إن ما تقوم به دافعه الهواية وملء بعض الفراغ، إضافة إلى الإحساس بالأمل المستمد من عزيمة لا تقهرها ظروف الحرب، غير أن هناك استغلالاً فظيعاً لتعب السيدات من قبل بعض التجّار الذين يُقبلون على شراء المعروضات.

الآنسة إيمان قوشحة (مُدرّسة لغة انكليزية) ارتأت أن يكون هناك إدارة للمبادرة التي ما زالت قائمة على حالة جمعية لا يمكنها الوصول إلى أبعد من المركز الثقافي بدمّر،
فالمديرة يمكنها التواصل مع جهات رسمية وتسويقية كي يكون هدف المبادرة واقعاً مفيداً ومعيناً للمشاركات فيها.
وهذا ما أكّدته الأستاذة رزان كيلاني (أستاذة في كلية الصيدلة بجامعة دمشق)، والمشاركة أيضاً في المعرض، وأضافت إن ما يجمعهن هو حب الوطن والعطاء،
وإن ما تقدمه المشاركات تُراثي ضمن إطار حداثي إلى حدّ ما، ويحتاج كي يرتقي إلى دعم مادي- إعلاني وإعلامي.

 

العدد 1105 - 01/5/2024