تحت قبة مجلس الشعب مرجانة: المواطن في حلب يقول: لا صمتنا يسترنا ولا نحن على البوح قادرون

ألقيت كلمات هامة في جلسة مجلس الشعب بتاريخ 17 شباط 2015 وألقى السيد بطرس مرجانة، عضو المجلس، كلمة جاء فيها:

 

السيد الرئيس..

السيدات السادة الزملاء!

عود على بدء.. أود الكلام عن حلب وسأختصر، وأبدأ بمخاطبة السيد وزير الكهرباء عبر مقام الرئاسة:

نقدر عالياً الجهود التي تبذلها الوزارة وفنيوها وعمالها، ونطلب لشهدائهم الرحمة ولمصابيهم الشفاء.. ولكن!

أسوأ ما تنتجه هذه الأزمة في الوطن هو نشوء اقتصاد الحرب، الذي يصبح جزءاً من المكون الاقتصادي، وعند ذلك ومع الوقت يصبح الراعي لاستمرار الأزمة، ذلك أن مصلحته تكمن في استمرارها أطول فترة ممكنة.. وهذا ما يجري بالتحديد في جزء من هذا الاقتصاد في مدينة حلب، وبالتحديد مع أصحاب المولدات الذين كوّنوا حاجزاً بين المواطن والدولة.

سوف أتكلم بلغة الأرقام لأؤكد ما ذكرت.. فهناك 200 ألف عائلة حلبية على الأقل تشترك في ما يسمى (الأمبيرات)، منذ ثمانية أشهر على الأقل أيضاً، وبمعدل أمبيرين وسطياً لكل أسرة، وسنقوم باحتساب مبلغ 75 ل.س للأمبير الواحد في الأسبوع حسب تسعيرة المحافظة، ولكنه لم يطبق، ذلك أن السعر الحقيقي الوسطي هو نحو الـ1000 ل.س للأمبير في الأسبوع.

وبأجراء حساب الحد الأدنى نجد أن هناك أكثر من 11 مليار خرجت من جيوب المواطنين خلال 8 أشهر، بمعدل مليار و375 مليون ليرة سورية شهرياً! وأستطيع أن أؤكد أن تحت قبة هذا المجلس الموقر أن الرقم لا يقل عن مليار و600 مليون ليرة سورية شهرياً.

هذا الأمر برسم السيد وزير الكهرباء.. وماذا بعد؟!

لقد تركت حالة الكهرباء على عواهنها، لتُحلّ أو تَحِلّ المواطن، فاستنزفت المواطن وسلبته مدخراته وماتزال، بعد أن سلبته حقه في الحصول على الكهرباء.

نكرر السؤال ونأسف للحال: هل لدى وزارة الكهرباء استراتيجية لحل أزمة الكهرباء في حلب؟ وإن كان لديها، هل لها أن تطلعنا عليها؟

المحروقات هي الجزء الثاني من اقتصاد الحرب، فهي متوفرة بحلب وبالكميات- مهما بلغت – التي يطلبها الشخص القادر على دفع أضعاف قيمتها، وما يتم من توزيع للمازوت هو لذر الرماد في العيون، ومسخّر للإعلام وليس للمواطن.

لن نتكلم عن الأسعار وارتفاعها، وجشع تجار الحروب والأزمات، وفساد البعض في ترسيخ اقتصاد الحرب.

 السيد الرئيس.. السيدات والسادة الزملاء!

مازالت حلب، بعيداً عن الإعلام، تقدم الشهداء يومياً نتيجة للقذائف المتنوعة التي تطول جميع أحيائها تقريباً، ولا تميز بين سكانها.. فقد ارتقى البارحة 16 شهيداً بينهم 4 أطفال إلى جوار ربهم، وجرح نحو خمسين، واليوم حتى الآن هناك 5 شهداء نتيجة هذه القذائف.. نترحم على الشهداء ونتمنى الشفاء العاجل والتام للجرحى، والرحمة للزميل زهير غنوم.

 السيد الرئيس.. السيدات السادة الزملاء!

أذكّركم بأن حلب لديها مطار.. لقد تناسى الجميع موضوع مطار حلب، وفُرض النسيان على مواطني هذه المدينة بشكل أو بآخر، فهل يحق لنا أن نسأل عن وضعه وإعادته إلى الخدمة أم لا؟ ومهما كان الجواب، فلن نتوانى بالإصرار على السؤال لإعادته إلى الخدمة، فالمدينة ترتبط بالوطن بشريان واحد فقط، وهذا الشريان مريض، يعاني ما يعانيه من سوء البنية الأساسية للطريق، بدءاً بعرض هذا الطريق، إلى سوء ورداءة حالته، وصولاً إلى الضغط الكبير في أعداد المركبات التي تسير عليه.

أسأل الحكومة عن طريق مقام الرئاسة: هل لديها خطة لرفع هذا الاستنزاف عن مواطني هذه المدينة، أم عليهم الاستمرار بهذا الواقع الأليم؟ وهل علينا أن نذكّر الحكومة بوعودها لهذه المدينة، والتي لم ترَ النور؟

 السيد الرئيس.. السيدات والسادة الزملاء!

لقد ابتعد المواطن في حلب عن تصديق ما ينقله له المسؤول أو الإعلام، لأن هذا الإعلام مايزال إعلاماً للمسؤول وليس إعلاماً مسؤولاً، وأصبح لسان حال هذا المواطن يقول: (لا صمتنا يسترنا ولا نحن على البوح قادرون)، فهو يتمسك ويؤمن برسالة سيادة رئيس الجمهورية في خطاب القسم (أن حلب في القلب والعين) ويبدو أنها لم تصل إلى الحكومة.

أختم لأقول: ستبقى حلب هامة المدن تجري فيها دماء الحياة، رغم زلازل الأحداث، صامدة شامخة، وسيبقى مواطنوها مؤمنين بالوطن، ومؤمنين يجيش الوطن، الذي وصلتنا أخباره المبشرة اليوم واستبساله في إعادة الأمان في حلب، ومؤمنين بنصر الوطن، وهم على العهد صامدون وباقون.

العدد 1105 - 01/5/2024