المسابقات.. أحلام وردية لا أكثر

الشباب في أيّ مجتمع ثروة وطنية تستثمرها الحكومات لتنمية المجتمع وتطويره، فكيف إذا كانوا أبناء بلد عانى وما يزال يعاني ويلات الحرب وخرابها، وبالتالي فهو بحاجة إلى كل الطاقات والقوى الفاعلة في المجتمع، وأهمّها الشباب، ولكن البطالة في سورية بلغت، قبل الحرب، نسباً غير مسبوقة ، وارتفعت خلالها إلى مستويات قياسية، بفعل الدمار الذي طال المنشآت الصناعية والزراعية والحكومية، وهذا يعني أن نسبة عالية من شريحة الشباب تُعاني من الآثار المختلفة للبطالة التي تغتال حيويتهم وقوتهم التي يُفترض أن توّظّف في خدمة أنفسهم والمجتمع، وهذا يتطلب من الحكومة الاهتمام بأولئك الشباب، إلى جانب اهتمامها وعنايتها بأبناء الشهداء وذويهم، الذين خصصت لهم 50% من عدد المقبولين في المسابقات التي تُعلن عنها من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني بكل مجالاته.

غير أن ما يجري اليوم، حين الإعلان عن مسابقة ما في أية جهة حكومية، أن أعداداً غفيرة من الشباب يزحفون إليها متحملين أعباء السفر وتكلفة استخراج الأوراق والثبوتيات المطلوبة أملاً بالحصول على عمل يقيهم الحاجة والفقر أو العوز، رغم ما تبقى لهم من حظوظ بعد حسم 50% للشهداء. لكن ما النتيجة؟

النتيجة أن غالبية تلك المسابقات تكتفي بأعداد قليلة من الناجحين، فتختارهم للوظيفة المطلوبة بعد غربلتهم في غربال الواسطة والولاءات، وحتى هؤلاء ربما ينتظرون وقتاً ليس بالقليل من أجل الالتحاق بالعمل، أما باقي الناجحين فإنهم ينتظرون حظهم في التعيين مدّة سنة واحدة حسب شروط المسابقات، فإن لم يُطلبوا لأية وظيفة، يعودون للانضمام إلى جيوش العاطلين والحالمين والزاحفين باتجاه المسابقات الحكومية والخاصة معاً.

ومن المفارقات أيضاً، أنه رغم استيفاء مسابقة ما لشروطها ونجاح بعض الشباب فيها، يتضح بعد مدة أنها قد أُلغيت أو تأجّل إعلان نتائجها إلى أجل غير مُسمّى.    

العدد 1107 - 22/5/2024