مفاجآت وعجائب!

من يتابع اليوم محطات التلفزة سيلاحظ أن زيارة أول رئيس أوربي إلى إيران، بعد انقطاع دام أكثر من عشر سنوات تتصدر النشرات والبرامج الإخبارية.

اليوم الرئيس النمساوي ومنذ توقيع الاتفاق الإيراني مع دول 5+1 وكل يوم تشهد طهران وفداً أوربياً سياسياً واقتصادياً لتطوير العلاقات الاقتصادية، هذا زيادة على فتح السفارات الغربية وزيارات وزراء الخارجية الأوربيين إلى طهران لتدشين افتتاح سفاراتهم في طهران التي كانت منذ نصف سنة فقط تمثل الشيطان الأكبر والإرهاب في العالم حسب توصيف الغرب وأمريكا.

إضافة إلى ضغوط أمريكا لترويع الأوربيين من البعبع الإيراني على مدى عقود، وتلبية أوربا لضغوط أمريكا لإقامة قواعد عسكرية أمريكية على أراضيها لحماية أوربا من اعتداء نووي إيراني؟ وهنا تكمن المهزلة والمسرحية التي دامت فصولها سنوات وسنوات. فهذا المشهد يذكّرني بأعوام 2009 – 2010 عندما بدأت يومياً تتهافت إلى دمشق الوفود الأوربية السياسية والاقتصادية عارضة خدماتها المختلفة وشركاتها للاستثمار في سورية، وكان ذلك أيضاً بعد حصار لسورية دام سنوات وسنوات.

وسنجد المشهد نفسه مستقبلاً في سورية، حين تستقر الأوضاع، بعد أن ساهمت أوربا الغربية ودول الخليج المتمثلة بالسعودية وقطر، إضافة إلى تركيا، بخلق العنف وتطوير الأزمة السورية ودعم الإرهاب والإرهابيين، وتدمير سورية اقتصادياً وثقافياً وتراثياً، وهدر الدماء السورية وقتل النساء والأطفال والشيوخ، كل ذلك في سبيل التدخل في الشأن الداخلي السوري ومحاولة زعزعة الاستقرار في سورية وضرب النظام والكيان السوري من أساسه.

ولكن بعد فشل كل المحاولات، ماذا بعد؟ هل ستخطو دمشق في النهاية مثل خطوات إيران وتبدأ عمليات الدبلوماسية الغربية، التي بدأت طلائعها منذ نيسان الماضي؟ وهل سيزول (الشيطان السوري) من قاموس أمريكا والغرب؟

إذاً أين المصداقية الغربية، إذا كان هناك مصداقية يتمتع بها الغرب وأمريكا؟ يدّعون مكافحة الإرهاب وهم من خلقوا الإرهاب ودعموه وموّلوه وخططوا له، ولكن عندما باتت موجة الإرهاب تتجه إلى حدودهم انقلبت الآية وأصبحوا من رواد مكافحة الإرهاب في العالم!

بالفعل عجائب الدنيا كثيرة، ومفاجآت السياسة أكبر.. وسنرى المشاهد والفصول التابعة لمسرحية العنف والقتل والإرهاب.

براغ – التشيك

العدد 1107 - 22/5/2024