طوارئ الكهرباء.. تتنصل من الالتزامات

على الأرجح، لم يكن واهماً ذلك الجار حينما قال لي: (من كل عقلك عم تتصل بالطوارئ)، فقد بات جلياً للعيان، أن (عطل الكهرباء) قد أصبح سلعة، بعدما كان إصلاحه واجباً، سلعة لها تجارها من العاملين في حقل الطوارئ.. هذه الحقيقة ليست من نسج أحلامنا الباردة بعد أن خلع المازوت ثوبه القديم وظهر بحلّة وسعر جديد مع مطلع العام الجديد.. ولعلنا لن نضطر إلى الاستعانة (بصديق) للعثور على (هنات) اعترت مسيرة عمل هؤلاء الأشخاص الذين من المفترض أن يكونوا خير عون للمواطنين في هذا الوقت، حيث لا مازوت ولا بدائل متاحة للتدفئة.

لا أدري ما هو مفهوم العطل الطارئ لدى عمال الطوارئ، أهو مفهوم مُجرد لا وجود له في الواقع؟ أم أنه مفردة شأنها باقي المفردات سقطت سهواً من قاموس عملهم اللحظي؟ إن كلّ الاحتمالات واردة طالما أن المعنيين بالأمر والمسؤولين عنهم بعيدون عن هذا المشهد الفريد في المنطقة الفريدة على خارطة الأبنية العشوائية، وإن تدخلوا فالأمر سيّان.  

 لقد جربت شخصياً الاتصال بمكتب الطوارئ من الساعة السادسة مساء حتى السادسة من اليوم التالي ولم يأت أحد منهم، وكأنهم (فص ملح وداب). الأنكى من ذلك كلّه، أرقامهم التي لم اتصل مرّة إلا وكانت مشغولة، وإن لم تكن كذلك فما من أحد يجيب، وإذا أجاب أحدهم يقول: (عندنا شكوى بهذا الخصوص ثم يُغلق السماعة) دون أن يستفسر عن العنوان أو يقول: (دبر حالك بشي كهربجي براني). 

من الحري بنا ألا نسكت ونقبل بالواقع الجديد الذي أفرزته الأعطال ومفتعلوها في بعض الأحيان، لا بل أن نطالب الوزارة بوضع حد لسماسرة الأعطال وتجارها، ولو بفرض عقوبات أشدَّ أو توازي عقوبات سارقي الكهرباء.

العدد 1107 - 22/5/2024