وفاء للراحل حلمي سالم

ليس غريباً عن أخلاقيات مثقفي مصر وشعرائها ونقادها وكتابها، الوفاء للراحلين منهم، فقد أقيم في القاهرة  أكثر من أمسية شعرية نقدية إحياء لذكرى الشاعر حلمي سالم بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله. فقد أقام صندوق التنمية الثقافية برئاسة المهندس محمد أبو سعدة أمسية شعرية في بيت الشِّعر قدمها الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة. وشارك فيها مجموعة من شعراء مصر الأوفياء للثقافة العربية ولتقاليدها منهم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي وأمجد ريان وجمال قصاص، وحسن طلب، وجهاد السيد، وشعبان يوسف، ومحمد سليمان.

وقد نظمت الأمسية بالتعاون مع رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة و(مركز إبداع الست وسيلة) بالأزهر، وكان ذلك في الساعة السابعة من مساء يوم الأحد التاسع من أيلول. كما أقامت الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد مجاهد في اليوم نفسه أمسية خاصة بالمناسبة، حضرها عدد من الشعراء والنقاد. وقد تحدث عن الراحل حلمي سالم الناقد والكاتب شعبان يوسف، والشاعرة ميسون صقر. كما ألقى الشاعر حسن طلب، قصيدة مهداة إلى حلمي سالم، (هل كان بالإمكان). كما ألقى الشاعران أمجد ريان وعبد المقصود عبد الكريم قصيدتين مهداتين إلى الفقيد.

قال الشاعر السماح عبد الله: الشاعر لا يموت، لكنه ينتقل من حال إلى حال، يظل طوال حياته في حالة كتابة القصيدة، فإذا ما انتقل إلى حال أخرى، تحول هو نفسه إلى جزء أصيل من قصيدته، وتصبح حروفه دالة على حركاته وسكناته وتقلباته، لأنه حين يضع نقطة على آخر سطره الشعري، نستطيع أن نعرفه أكثر، ونراه أكثر، ونعاين جماله، دونما أية ضغوط جسدانية، نحن لم نجالس المتنبي أو المعري أو شوقي، لكننا نستدعيهم كلما ألجأتنا الحاجة.

كما وصف الدكتور أحمد مجاهد رحيل سالم المفاجئ بالعبثي، قائلاً: لم يكن الرحيل المفاجئ للشاعر حلمي سالم صادماً لنا فقط، وإنما كان مؤلماً وقاسياً وعبثياً، فقد كان يملؤنا الأمل أن يعود حيوياً كما كان، يملأ منتدياتنا الشعرية شعراً وفرحاً وإثارة للأسئلة.

 وقال الناقد شعبان يوسف: كان حلمي سالم أكثر قدرة على خلق الأفكار واختراق تابوهات كثيرة، أدت لإشكالات، وحلمي كان يريد التعريف بالجيل، في الفترة التي كان هو ورفاقه يجاهدون من أجل الحركة الجديدة، بينما كان الدكتور جابر عصفور يكتب عن الوخم الشعري، وينعى الشعر. وحلمي يكتب الأفكار الجديدة، التي يتبناها الجيل.

ثم تحدثت الشاعرة ميسون صقر عن الراحل قائلة: أربعون يوماً مرت على وفاة حلمي سالم، لا أظنه قد مات، لأنه ترك شعراً ينبض بالحياة… جميعنا نقول ما لا نعيشه نكتبه، وما لا نكمله في الحياة نكتبه بالشعر، إلا حلمي سالم فكان يكتب وكان يقول: أنا أكتب حياتي، وأضافت: كان حلمي يقول دائماً، إن خصائص الشعر وضعها بشر، وما وضعه بشر يغيره بشر آخرون.

احتفالية الحفاوة بالشاعر حلمي سالم في القاهرة تطرح مجموعة من الأسئلة، لعل أهمها: لماذا لا تسلط الأضواء على الشعراء والكتاب والفنانين، وهم على قيد الحياة؟ أم أننا دائماً نؤجل ما يجب أن نقوم به اليوم إلى ما بعد الغد… ومع هذا يبقى تكريم الراحلين قيمة كبرى ليس لهم فحسب، وإنما للأحياء أيضاً.

تحية إلى ذكرى حلمي سالم الإنسان والمناضل، والصوت الجريء في الحق، والمواجه الصلب للأخطاء والانحرافات، وتحية له شاعراً عاش بكل ما يملك قضايا شعبه وأمته،وصاغها شعراً فيه من الفن ما فيه من الحماسة والجرأة.

العدد 1107 - 22/5/2024