المخرجة السورية إيفا داود تنسحب من مهرجان سينمائي عالمي ترعاه «إسرائيل»

أعلنت المخرجة السورية ايفا داود (المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية) سحب فيلميها (عفريت النبع) و(في غيابات من أحب) من المشاركة في المهرجان العالمي للسينمائيين حول العالم في بريطانيا الذي يقام في الفترة الواقعة بين (10 و 13) تشرين الأول/ أكتوبر القادم، وذلك بعد أن تم اختيار الفيلمين رسمياً للمشاركة في المهرجان.

وأكدت (داود) أن سبب سحبها للفيلمين اكتشافها أن سفارة (إسرائيل) في بريطانيا هي الراعي الرئيسي للمهرجان.

ويأتي موقف السينمائية السورية إيفا داود في وقت يشارك فيه عدد من المبدعين العرب في ملتقى فني تنظمه مؤسسة (غرين هاوس) في مدينة العقبة (الأردن)، بعنوان: (السرد الدرامي والشخصيات الرئيسية)، جمع مخرجين عرباً من الجزائر، ومصر، ولبنان، والأراضي المحتلة عام  ،67 وتونس، والمغرب و(إسرائيل)، ويمتد هذا المشروع بين عامي ( 2012 و2013).

وباستثناء أربعة مخرجين رفضوا المشاركة في الملتقى وهم: (الأردني رعد طوالبة، وثلاثة لبنانيين: لوسيان بورجيلي، وحبيب بطاح، وسامر غريّب)، شارك العديد من المخرجين العرب، وهم: محمود عمر (مصر)، ومجدي العجلات وحجر سته وسعيد البذور الدين (المغرب)، وتامر دياب فؤاد (فلسطين)، وسارة عبيدي وعامل بو زيد وزينب خلفازي والماجري جودة وخديجة لمكاشر وصلاح كريّم (تونس)، ونسيم خدوشي وكلير مازو  كرّوم ومحمد الأمين حطو (الجزائر).

علماً أن (الحركة الشعبيّة الأردنية للمقاطعة) بعثت رسائل خاصة لكلّ المخرجين المشاركين بهدف حثهم على مقاطعة المشروع، قبل أن تبعث رسالة مفتوحة إلى الإعلام، تبين فيها أنّ مشروع (غرين هاوس) للأفلام الوثائقية الذي تأسس عام 2005 بتمويل من برنامج (أوروميد السمعي البصري) يعد مشروعاً تطبيعياً وفقاً لتعريف (الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية ل(إسرائيل)، علماً بأنّ (الصندوق (الإسرائيلي) الجديد للسينما) هو أيضاً شريك مؤسس ل(غرين هاوس).

وفي هذا السياق، ترى (الحملة الفلسطينية) أنّ دعوة أي فنان/ة يخرق المقاطعة إلى بلد عربي هي أشبه بتواطؤ في التغطية على الدعم الذي يقدمه هؤلاء الفنانون لدولة الاحتلال والأبرتهايد. ويقوموا بأنسنة القاتل وكسر عزلته الخانقة والتغطية على جرائمه المقبلة.

وتكمن خطورة التطبيع مع العدو الصهيوني انطلاقاً من كونه تعبيراً عن عملية منظمة لتفكيك فكرة المقاومة بمفهومها الثقافي والمناقبي، وتشكّل آلياته وقنواته ممراً لشرعنة وجود الدولة الصهيونية الطارئ على منطقة الشرق الأوسط، وتحويلها إلى أمر واقعي وحتمي في المنظور المستقبلي، بل أمر ضروري لاستمرار الحركة الاجتماعية في المنطقة. وهنا تكمن الخطورة في عمليات التطبيع التي تحمل أوجهاً عدّة ومسميات كثيرة… تتقلب فيها الأوجه ويبقى الهدف واحداً هو: تبييض صورة الجلاد أمام مرآة العالم، وتصفية القضية الفلسطينية.

ويعدّ موقف السينمائية (داود) مفخرة لكلّ ضمير حيّ يرفض الظلم والإهانة ويقاوم الاضطهاد، من خلال موقفها الإنساني والمبدئي النضالي هذا. الرافض لمختلف أشكال التطبيع مع المحتل والوقوف في وجه محاولات اختراق الجبهة الثقافية والفنّية باعتبارها خط الصدام الأساسي مع العدو الصهيوني، وباعتبار أن المثقفين كانوا وسيبقون رأس الحربة في الاشتباك الثقافي والحضاري مع قوة الاحتلال الغاشمة.

وحتى ندرك معنى وسمو موقف المبدعة السورية يكفي التذكير بموقف المخرجة السينمائية نادية الفاني التي شاركت في شهر حزيران / يونيو الماضي، في ندوة سينمائية في مدينة (تل أبيب)، نظمتها السفارة الفرنسية هناك (لمناقشة قضايا العلمانيّة في المجتمعات العربيّة) في (المسرح الوطني (الإسرائيلي) في (تل أبيب). والتي بررت زيارتها بقولها: (قرّرتُ زيارة (تل أبيب). لكنني أبقى مدافعة شرسة عن القضية الفلسطينية، وأعارض الاستيطان).

والحقيقة أن مثل هذا الموقف للسينمائية التونسية  – في ظلّ المقاطعة الثقافية للعديد من الفنانين العالميين ل(إسرائيل) ورفضهم أن يكونوا جزءاً من هذه اللعبة – يندرج في سياق نهج أصاب نوعاً من النخب الساعية إلى انتزاع الشرعيّة والاعتراف والنجاح والرواج في الغرب عامة.

يذكر أن فيلم (في غيابات من أحب) للسينمائية السورية إيفا داود قد حصل أخيراً على جائزة لجنة التحكيم وشهادة تقدير في مسابقة الأرز للأفلام العالمية القصيرة في مهرجان العالم العربي للفيلم القصير الذي أقيم في مدينة أفران المغربية.

وكان الفيلم قد حاز الجائزة الثانية في مهرجان كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية. كما أنه سبق أن شارك في مجموعة من المهرجانات، منها مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الخامسة عشرة ومهرجان (عين المرأة السينمائية) في مدينة تورنتو. مدة الفيلم اثنتان وعشرون دقيقة، ويتناول حكاية روز الشخصية المركبة التي تعاني حالة مرضية تمزج فيها ما بين الأموات والأحياء في عقلها. والعمل من بطولة الفنانين لمى إبراهيم، عدنان أبو الشامات، فادي صبيح، علي إبراهيم، ربا الحلبي، والطفلين يزن ديب وإيفا خلوف، ومن لبنان الفنان باسم مغنية.

وقد علمت (النور) من السينمائية السورية أنها ستشارك بفيلمها (في غيابات من أحب) في المسابقة الرسمية للمخرجات العربيات في مهرجان بغداد السينمائي، مابين (3و7 ) تشرين الأول / أكتوبر المقبل.

العدد 1105 - 01/5/2024