تدخــّل المركزي… شرائح الملايين إلى متى؟

طالبنا، وطالب غيرنا أيضاً، بإعادة دراسة تأثير تدخل المصرف المركزي في أسعار القطع الأجنبي، استناداً إلى آراء واقتراحات خبراء الاقتصاد، ولم يكن المبرر الرئيسي لهذه المطالبة معارضة هذا التدخل، بقدر ما كان الاستفادة من تجارب التدخلات السابقة، ومدى تأثيرها في سوق القطع الذي يتلاعب فيه المضاربون.. والفاسدون.. والمتآمرون على سورية واقتصادها الذي يواجه الحصار الظالم!

لقد عارض العديد من خبراء الاقتصاد أسلوب طرح شرائح القطع الأجنبي في السوق، وبرهنت الارتفاعات المستمرة لأسعار الدولار صحة انتقادهم لهذه الطريقة في إدارة الوضع النقدي، فلماذا لا يلجأ المصرف المركزي إلى طرق أخرى تتناسب مع الوضع الاقتصادي الراهن من جهة، وتحافظ من جهة أخرى على احتياطنا من النقد الأجنبي، أما جوهر هذا التدخل المطلوب فيمكن التشاور حوله مع خبرائنا الاقتصاديين.

صحيح أن لتدخل المركزي بهذه الطريقة أثراً نفسياً في السوق، والمتعاملين فيه، لكن الصحيح أيضاً أن هذا الأثر كان مجرد فقاعة تكاد لا تترك أثراً يذكر، وتختفي عند تلاعب أصحاب المليارات لتكديس المزيد، على حساب المواطن السوري الذي ارتبطت جزئيات حياته اليومية وتفاصيلها بأسعار الدولار..!

لقد قيل الكثير حول تدخلات المركزي، وحاول مسؤولوه إثبات صحة تدخلهم اقتصادياً وواقعياً، لكن الارتفاعات المستمرة التي يشهدها الدولار هي الواقعة الحقيقية الوحيدة التي يلمسها المواطن السوري الصابر.

فلنتداعَ إلى لقاء اقتصادي موسع يضم مسؤولي المصرف المركزي والخبراء الاقتصاديين، للتوافق على طريقة صحيحة، ومجدية، تحافظ على أسعار القطع الأجنبي، تبدأ بإعادة إنهاض القطاعات المنتجة.. وتشجيع الصناعيين والمزارعين، فدون ذلك لن يجدي أي تدخل نقدي في الأسواق، ثم للتوافق على سبل دعم المركزي لأسعار الليرة، وبعد ذلك (سنبصم بالعشرة) لحاكم المصرف ومساعديه.

العدد 1107 - 22/5/2024