المرأة السورية بين سندان الحرب ومطرقة الحاجة

يقول ألفيري (إن مهمة العدالة ألا توفر للإنسان سعادة نالها بالجريمة)

والعدالة هي قبل كل شيء مفهوم إنساني تقوم عليه مجموعة من القيم المتعلقة بالمساواة بين جميع أفراد المجتمع, سواء في الحقوق أو الواجبات كل حسب قدرته وظرفه. ويندرج تحت هذا المصطلح تكافؤ الفرص بين الجميع, وتوزيع المقدرات والثروات والمكتسبات بالمساواة.

وإذا ما تطرقنا إلى واقع المرأة السورية في ظل الأزمة, نجد أن هذه الحرب قد طالتها بشكل كبير وأثّرت عليها تأثيراً سلبياً وكبيراً على مختلف الأصعدة. كما أن غياب العدالة أدى إلى غياب الأمان المجتمعي, وبالتالي إلى ظهور ملامح الجريمة بشكل كبير.

فغياب الرجل في الأسرة، سواء بالتحاقه بالخدمة العسكرية أو سفره للخارج أو فقده بطريقة أو بأخرى, زاد من الأعباء الأسرية والاقتصادية والاجتماعية على المرأة, مما أقحمها للوقوع ببراثن الجريمة, وبالذات في عمليات السلب والنهب التي كثرت في السنوات الأخيرة, في محاولة لاستغلال حاجتها وضعفها، وذلك من عصابات متخصصة في هذا المجال.

وقد ضُبطت بعض الجرائم التي تقوم بها العديد من هذه العصابات التي يشترك فيها نساء سوريات, منها حالات القتل والسرقة والنهب والاستيلاء كسرقة السيارات والمنازل والمحلات, وكذلك جرائم النشل والسرقة مع استخدام العنف, وحالات الخطف لطلب الفدية والحصول على الأموال.

ولكن ممّا لا شك فيه أن الوضع الاقتصادي السيئ، وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وتركيز المسؤولية على المرأة راعية البيت والأولاد, وشعورها بالعجز أمام هذا الواقع المعيشي الصعب، وانهيار الأخلاق والوازع الديني, كلها عوامل أدّت إلى ظهور الجريمة وتفشي الفساد، وبروز هذه الظاهرة التي تُعد ظاهرة جديدة على المجتمع السوري, ماعدا بعض الحالات الفردية القليلة الملحوظة قبل الأزمة.

ولا نستطيع أن ننكر أيضاً آثار تفاقم حالات الطلاق وكثرتها بسبب تردي الوضع الاقتصادي والانهيار الأسري بسبب الفقر الشديد, والضغوط النفسية التي تنتهي غالباً بالانفصال, لتجد المرأة نفسها أمام مفترق طرق ينتهي بها إلى مهاوي الرذيلة والضياع في متاهات الجريمة والفساد.

لذلك فمن الضروري أمام هذا الواقع السيئ للمرأة السورية التركيز على الجمعيات والمؤسسات والهيئات التي تُعنى بالمرأة لإخراجها من هذه الحفرة الضيقة التي وضعتها بها الحرب, ومد يد العون لها, وتقديم كل المساعدات المادية والاجتماعية, لأن المرأة هي مربية الأجيال وبصلاحها وصلاح الأسرة يصلح المجتمع.

أخيراً: يحضرني قول للكاتب الكبير فولتير يقول فيه: (وطن الجريمة الحاجة).

فلولا الحاجة ما كانت الجريمة, وإن الحاجة والعوز والفقر هم الحاضنة الأساسية للجريمة بكل أشكالها في كل مجتمع وفي كل زمان ومكان. 

العدد 1105 - 01/5/2024