ترامب يطالب حلفاءه بتنازلات لتمديد الإعفاءات

يبقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التهديد مخيماً على حلفاء الولايات المتحدة، بوضع حد للإعفاءات الممنوحة لهم من الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، مطالباً هذه البلدان بتقديم تنازلات.

وحظيت دول من بينها كندا والمكسيك والاتحاد الأوربي وكوريا الجنوبية، بإعفاءات من الرسوم الجمركية التي أعلنتها الإدارة الأمريكية في آذار وبلغت نسبة 25 في المئة على الصلب و10 على الألمنيوم، غير أن هذه الإعفاءات تنتهي مدتها بعد غد وقد لا يتم تمديدها.

وإن كانت الصين الهدف الأول لهذه التدابير التجارية العقابية، إلا أنها تهدد الآن بالتحول إلى حروب تجارية مع عدد من الدول الحليفة للولايات المتحدة والتي تتوعد باتخاذ إجراءات مماثلة بحق عدد من المنتجات الأمريكية.

وتنعكس هذه الأجواء على الأسواق المالية العالمية والاقتصاد الأمريكي، إذ تعاني شركات عدة من زيادة كلفة إنتاج هذين المعدنين. لكن الرئيس يركز على ما يبدو على العجز في الميزان التجاري الأمريكي مع الكثير من الشركاء التجاريين على غرار الاتحاد الأوروبي، وهو ما ذكر به المستشارة الألمانية أنغيلا مركل حين استقبلها أول من أمس في البيت الأبيض.

وبلغ حجم الصادرات الأوربية من الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة 7.7 بلايين دولار العام الماضي، وأعلن ترامب أول من أمس أن العجز في الميزان التجاري الأمريكي مع الاتحاد الأوربي يتخطى 150 بليون دولار، معتبراً أن ذلك (لا يمكن تبريره)

وقالت الخبيرة الاقتصادية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ستيفاني سيغال (إن كان هذا العنصر الوحيد الذي يتم التذرع به، فمن الممكن تسويته بشراء بضع طائرات بوينغ إضافية، لكن هذا لا ينطبق على المسائل البنيوية المطروحة مع الصين والتي قد تحدث فرقاً كبيراً على المدى البعيد). وأضافت في تصريحات أدلت بها لوكالة (فرانس برس): (أخشى أن نضطر من أجل التغلب على الصين أن نحدث أضراراً كبيرة من غير أن نتوصل إلى نتيجة)

وحرص ترامب على عدم كشف أوراقه خلال لقاءاته أخيراً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار واشنطن قبل ميركل. غير أن الرئيس الفرنسي ندد أمام الكونغرس بالسياسات الحمائية وقال في كلمة ألقاها: (إننا بحاجة إلى تجارة حرة وعادلة) مؤكداً أن (حرباً تجارية بين حلفاء لا تلائم مهمتنا ولا تاريخنا ولا التزاماتنا الحالية حيال الأمن العالمي).

أما المستشارة الألمانية، فحرصت على عدم التماس إعفاءات ضريبية، مكتفية بالقول خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ترامب إن القرار النهائي بشأن تمديد الإعفاءات (يعود للرئيس).

غير أن الاتحاد الأوربي أعلن بوضوح أنه سيرد بالمثل في حال تكبد أضراراً بشكل مستديم بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية، وقد وضع قائمة من المنتجات الأمريكية البارزة تتراوح من الجينز إلى الدراجات النارية، مروراً بزبدة الفستق والويسكي الأمريكية

ومن بين الحلفاء التقليديين الآخرين للولايات المتحدة، تخوض كندا والمكسيك محادثات حثيثة مع واشنطن حول إعادة التفاوض في اتفاقية التبادل الحر لدول أمريكا الشمالية (نافتا) الساري تنفيذها منذ 1994

ويعقد المفاوضون الرئيسيون اجتماعاً جديداً في 7 أيار (مايو) ستعرف خلاله أوتاوا ومكسيكو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستمدد الإعفاءات الممنوحة لها. وبلغت قيمة واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم عام 2017 نحو 12 بليون دولار من كندا و3 بلايين دولار من المكسيك

واتخذت واشنطن قرار فرض رسوم جمركية بالأساس لحماية الصناعة الأمريكية، تحت شعار ضرورات الأمن القومي. لكن لا يظهر بوضوح اليوم ما هو الهدف الأخير لإدارة ترامب.

وقال كبير مستشاري البيت الأبيض الاقتصاديين لاري كودلو، الخميس، من أجل تمديد الإعفاءات، تترقب واشنطن تنازلات من الأوربيين، ولا سيما في قطاع السيارات، وهو ما لا يرتبط للوهلة الأولى بذرائع الأمن القومي التي ذكرت في الأساس.

كما أن حجج الأمن القومي قد تكون سيفاً ذا حدين. ولفتت أستاذة الاقتصاد في جامعة (سيراكوز) ماري لوفلي، إلى أنه (منزلق خطر على الكثير من الأصعدة) لأنه (قد يشكل شيكاً على بياض، للدول الأخرى التي قد تستخدم هي أيضاً هذه الوسيلة). وقالت ستيفاني سيغال (حين تبادرون إلى ذلك، يصبح من الصعب الاحتجاج على دول أخرى) تستخدم حججاً مماثلة.

وحذر الخبير الاقتصادي المتخصص في الولايات المتحدة لدى مركز (أوكسفورد إيكونوميكس) غريغوري داكو، من أنه في حال لم تمدد واشنطن الإعفاءات وقرر شركاؤها التجاريون الرد، (ثمة أخطار بأن نشهد صدمة حقيقية في سلسلة الإنتاج، مع انعكاسات سلبية على أسواق المال)

(الحياة)

العدد 1107 - 22/5/2024