الشاطئ الأزرق يغرق والمحافظة تنساه!

راميتا، العروس الفينيقية الساحرة التي عشقها الصيف وهام بزرقة شواطئها ليكتب فيها النسيم أشعاره بريشة بدوي الجبل قائلاً:

سقى الله عند اللاذقية شاطئاً

مراحاً لأحلامي ومغنى وملعبا

راميتا.. لم تعد كسابق عهدها، فقد سرق الفساد ابتسامتها الساحرة بعد أن اغتصب عذرية جمالها الذي تغنت به كل روح امتزجت عشقاً مع نسمات بحرها وجبلها.

السياحة تسنّ قوانينها بطرح مشاريع استثمار سياحي وشواطئ مفتوحة في اللاذقية، لكن البلدية والمحافظة يعيشون في كوكب آخر! لعل اللاذقية اليوم خالية من مجلس إدارة محلية وتنظيم قانوني وخدمي، هذا ما يقوله أي عابر سبيل يمر بشوارعها وبشاطئها الذي سمي بالأزرق لزرقته ولمعالمه الفينيقية الرائعة التي رسمتها ريشة أجدادنا الأوغاريتيين ليبحروا منه إلى كل العالم، وليستخرجوا منه ألوان صباغهم الأرجواني الرائع، لكن الأرجواني والأزرق يغيبان اليوم بالتهميش والفوضى وسوء الخدمات، وكأن الشاطئ الأزرق خارج إدارة محافظة اللاذقية، وليس ضمن المخطط التنظيمي للبلدية.

الشاطئ الأزرق الذي  يعتبر منطقة جذب سياحي رفيع المستوى، كان معبر السياح الخارجيين والداخليين سابقاً، لم عد كسابق عهده، فما إن تدخل بداية الشارع الذي يوصلك إليه حتى تشعر بطاقة سلبية وتوتر، وكأنك تدخل إلى مكان مهجور يسكنه أشباح، الظلام يخيف في ذاك الشارع، لا إنارة أبداً رغم وجود سلسلة أعمدة للتيار الكهربائي على طول الطريق الذي يمر بالمريديان، وما إن تقترب من الداخل حتى تشعر بالقرف أكثر من الروائح المنبعثة من الأوساخ المتراكمة هنا وهناك، ومن مياه الصرف الصحي التي أخذت مكاناً لها في الشارع لتحفر فيه سواقي صغيرة تمر بسلام وبكل هدوء، فليس هناك من يردعها من أن تمر بكل رواق وفوضى غير مكترثة بالشكل العام، فهناك من يعبث أكثر منها، فالأعشاب الحولية حوّلت وسط الطريق إلى غابة مدارية عشوائية ولكنها بشكل عصري وحضاري أكثر، فقد سمحت بكل ديمقراطية لأكياس النايلون والفوارغ وما خفّ من الأوساخ أن يشاركوها تجميل وسط الشارع، حتى إذا دُهست قطة أو حيوان آخر فلا مشكلة من احتوائه بين طياتها الجافة. ولتكتمل الحكاية أكثر ولتزيد جمالية الشارع وُضعت أكوام من التراب القاسي والصلب على حواف منصف الطريق من الجهتين ليضيق الشارع بطريقة سيئة. لكثرة الشكاوى التي وصلتنا من الأهالي، قمنا بزيارة إلى منطقة الشاطئ الأزرق لنطلع على الواقع الخدمي هناك، وقد شعرنا بصدمة كبرى لما رأيناه من إهمال كبير وانتشار للروائح الكريهة وكأن المنطقة تحولت مكباً للنفايات ومرتعاً للبعوض والحشرات المنتشرة بكثرة، وكذلك الطرق المحفرة المليئة بمياه الصرف الصحي وأكوام التراب الموضوعة وسط الشارع والتي تعيق الحركة. وقد قمنا باستطلاع مع سكان المنطقة الأساسيين وسألناهم عن هذا الوضع السيئ ولماذا لا يجري التواصل مع البلدية والمحافظة لأجل تحسين الخدمات، فكانت الأجوبة مجتمعة بأن لا المحافظة ولا البلدية يردون، وحتى المحافظ لم تطأ قدمه حتى اليوم منطقة الشاطئ الأزرق ليطلع على واقع الأمور رغم كل الشكاوى المقدمة. ويقول لنا السيد فادي: المسؤول عن هذه الكارثة التي تعيشها منطقة الشاطئ التي تعتبر من المناطق السياحية في المحافظة هو البلدية وأعضاء مجلس المحافظة لأنهم لا يكترثون منذ سنوات لواقع هذه المنطقة.

أما السيدة فاتن فقالت بأن المنطقة لا تلقى أي اهتمام من قبل المحافظة، حتى الصرف الصحي في المنطقة لا يصرف ومنذ زمن فيه مشاكل ولم يردوا علينا، وقد قام المحافظ السابق بزيارة للشاطئ ورأى بعينه مياه الصرف الصحي في الشارع، والتهميش وسوء الخدمات، وقد وعد بتخديم المنطقة والاهتمام بها لكنه عندما غادر نسي مجريات ما حصل ونسي حتى منطقة الشاطئ كلها.

وأكمل لنا الموطن أبو عيسى ما يحصل في الشاطئ قائلاً: نعاني من سوء كبير في الخدمات من المياه للكهرباء، وكما ترون المنظر العام للمنطقة سيئ، فوسط الطريق أصبح مكاناً لتجمع الأوساخ حتى مياه الأوساخ كما ترون تملأ الشارع أينما تمشيتم.. وتكلم أيضاً عن انتشار حالات علنية للدعارة.

أما سوسن فقالت لنا بسبب سوء وضع الشبكة والتيار الكهربائي حدثت منذ أيام مشكلة وخلل فيه أدى لتعطيل الأدوات الكهربائية، وقد انقطعت الكهرباء لساعات طويلة وبعد الاتصال لأكثر من مرة أتت الورشة لإصلاح العطل والخلل الحاصل، وأكملت: حتى المياه تنقطع لساعات في أغلب الأيام ولا أحد يرد علينا، لا البلدية ولا المحافظة.

وقال لنا الأستاذ أحمد: الأمر لا يقف عند هذا السوء من الخدمات، حتى فواتير الكهرباء والماء تأتينا بأرقام كبيرة جداً وتتأخر حتى تصدر أو تأتي مجتمعة، فإن كان متر الماء يحسب هنا ب30 ليرة سورية على أنها منطقة سياحية، فلماذا لا تتوافر فيها خدمات المنطقة السياحية؟ ولا هي تلقى اهتمام منطقة عادية؟ فإذا ذهبتم لمنطقة رأس شمرا القريبة من هنا ستجدون الفرق شاسعاً بمستوى الخدمات؟!

أسئلة كثيرة تطرح بجرأة كبيرة: هل هناك محافظة وبلدية في اللاذقية؟ وإن كانت توجد أين خدماتها للمواطن السوري؟ أين قانونها التنظيمي والخدمي الذي يوضع له كل عام ميزانية ضخمة من أجل أن تقوم بعملها؟ أين الخدمات الفنية وما دورها؟ لماذا تنتظر الصيف لتتفتح أنفاقها في الشوارع لأيام، ثم تمتد لشهور كما يحدث كل سنة في المشروع العاشر على الطريق الرئيسي الذي يصل مركز المدينة بالمنطقة الشمالية منها، والذي تؤدي هذه الحفريات لقطع الشارع لأيام، والسبب إصلاح شبكة المياه؟ هل الإصلاح سنوي أم المشكلة في مشروع شبكة المياه؟

قمنا منذ أكثر من نصف شهر بزيارة المكتب الصحفي في المحافظة لإيصال شكاوى المواطنين، وقد وعدونا بالاتصال لمقابلة محافظ اللاذقية لنتحدث معه ونستوضح مشاكل المواطنين، لكن لم يحدث شيء، ولم نسمع حتى اليوم منهم أي اتصال أو جواب عن الموضوع، ولا نعلم هل المشكلة في المكتب الصحفي أم في مدير مكتب المحافظ أم في أعضاء المحافظة الذين يحاولون دائماً منع وصول أي صوت أو شكاوى للمحافظ، ولكن صوت المواطن وشكواه لن تقف عندهم، وصوتنا هو صوت المواطن وحقه الطبيعي في الحصول على حقوقه الخدمية وهم وضعوا لخدمته وفق القانون والدستور.

منطقة الشاطئ الأزرق، هل هي ضمن نطاق محافظة اللاذقية؟ أم هي تتبع لنطاق تنظيمي خدمي مستقل؟ وإن كانت تتبع لمحافظة اللاذقية، فلماذا هي بأسوأ حالاتها وخدماتها؟ ندعو المسؤولين لزيارتها وسماع شكاوى مواطنيها، وإنقاذها من الغرق؟

العدد 1107 - 22/5/2024