«الأزمة السورية من الرماد إلى المستقبل»… في ندوة باللاذقية

أقيم في دار الأسد للثقافة في اللاذقية يومي 24 و 25 أيار 2015 ندوة فكرية بعنوان (الأزمة السورية من الرماد إلى المستقبل)، ألقى فيها الرفيق عبد الرزاق درجي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد محاضرة بعنوان (التداعيات المتضاربة في الاقتصاد واستقراره) جاء فيها:

بداية، تحية إكبار وإجلال لأرواح شهداء الوطن من مدنيين وعسكريين وتحية لجيشنا العربي السوري الذي يدافع ويتصدى للمؤامرة والمخططات الإمبريالية والصهيونية والرجعية التي تحاك ضد وطننا الغالي. تحية لشعبنا الصامد الصابر المناضل.

من المعروف أن بلادنا تتعرض منذ ما يزيد عن أربع سنوات ونيف لأشرس هجمة استعمارية في تاريخها الحديث، تستهدف الموقف الوطني الحازم لبلدنا، كما تستهدف اقتصادنا بقطاعاته المختلفة.

فقد فرض على بلدنا حصار اقتصادي جائر ساهمت فيه كل القوى المعادية /إمبريالية – أوروبية – صهيونية – رجعية عربية وتركية/. ومنعت شركات التأمين العالمية من تأمين السفن البحرية التي تحمل البضائع من وإلى الموانئ السورية باتجاه شل عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى سورية.

وجرى تدمير ممنهج للبنى التحتية للاقتصاد الوطني من خلال حرق أو سرقة المعامل كما جرى في حلب من قبل العصابات الإرهابية والتكفيرية.

كما تمت سرقة النفط السوري الذي كانت صادراته تشكل مورداً هاماً للخزينة السورية من جهة، ويساهم في تأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية من جهة أخرى، ولم يكن حال الحبوب بأفضل من ذلك (حرق محاصيل – فرض أتاوات وسرقة).

وكان يجري قطع الطرق بين المدن والمحافظات، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أجور النقل وارتفاع كلفة المنتج، وانعكس ذلك على الأسعار. وكان للنهج النيوليبرالي في الاقتصاد وتراجع دور الدولة الرعائي والتنموي وعدم حماية القطاع العام وتطويره ومعالجة أوضاعه الأثر السلبي على الاقتصاد ومثال ذلك ما دأبت الحكومات السابقة بتصنيف القطاع العام الصناعي إلى ثلاث فئات:

– رابح.

– على الحد بين الربح والخسارة.

– خاسر.

وأن الحكومة ستدعم القطاع العام الصناعي الرابح وأن القطاع الذي على الحد سيجري العمل والدعم لجعله رابحاً أما القطاع الخاسر فستجري معالج أوضاعه. أما الواقع فلم يكن كذلك، ففي الخطة الخمسية العاشرة مثلاً رصد مبلغ /145/ مليار ليرة سورية لإصلاح ومعالجة القطاع العام الصناعي. لم يصرف من هذه الأموال المعتمدة سوى مبلغ /45/ مليار ليرة حتى السنة الأخيرة من الخطة. الأمر الذي يدل على عدم الجدية في تحسين أوضاع القطاع العام وعدم محاسبة المسؤولين عن هذا التقصير، مما أدى إلى تراجع دور القطاع العام وتنامي اقتصاد السوق.

إن الاستنزاف المستمر للقطع الأجنبي من المصرف المركزي وتلاعب التجار والمضاربين بسعر الصرف أدى باستمرار إلى زعزعة الثقة بالليرة السورية وقدرتها الشرائية والانعكاس السلبي على حياة الجماهير المعاشية والارتفاع الجنوني للأسعار وتهافت العديد من السوريين باستبدال العملة السورية بالعملات الأجنبية أو الذهب.

أي أن السياسة النقدية والقرارات المتخذة لم تكن بمستوى الأزمة والتصدي لها.

كما أن رفع أسعار المشتقات النفطية كان له أثراً سلبياً على حجم الإنتاج وزيادة كلفته.

ولا بد من الإشارة هنا إلى قضية الأمن الغذائي كيف تم وما هي المخاطر التي تعترض ذلك..

هل تم تحقيق الأمن الغذائي لدينا عبر التطور الطبيعي كما يحلو للبعض تصويره.

إن الوقائع تشير إلى أن الأمن الغذائي تحقق بفعل خطط وإجراءات لولاها لما تحقق ذلك، منها:

– بناء السدود التي زادت من خلالها مساحات الأراضي المروية وأصبح فيه الإنتاج مستقراً من جهة ومتزايداً من جهة أخرى.

– تأمين القروض اللازمة للفلاحين المنتجين.

– انخفاض أسعار مستلزمات الإنتاج لا سيما الأسمدة والمشتقات النفطية.

– الأسعار المجزية للحبوب التي تعطي للفلاحين.

– الأوتوسترادات والطرق الحديدية التي بنيت والتي ربطت سورية الذي سهل عملية نقل المنتجات الزراعية بسرعة وبكلفة معقولة، أما اليوم فأمننا الغذائي في خطر حقيقي.

هذا هو الواقع الآن فما العمل؟

إننا انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية والطبقية ومن قناعتنا بضرورة تبادل الآراء للوصول إلى قواسم مشتركة تساعدنا جميعاً لبناء اقتصاد وطني قوي يساهم في تعزيز الموقف الوطني والمقاوم لبلدنا في مواجهة أعداء سورية من إرهابيين تكفيريين وداعميهم.

ومن أجل بناء سورية دولة قوية ديمقراطية وتعددية وعلمانية تسودها العدالة الاجتماعية..

فإن مهام عديدة تنتصب أمامنا جميعاً وفي مقدمتها:

– الدفاع عن الوطن وحمايته وتعزيز وحدته أرضاً وشعباً وتعزيز ثقافة الحوار والانتماء للوطن.

– عقد مؤتمر وطني عام ذو طابع اقتصادي يضم كل الفعاليات التي لها علاقة (اتحاد عمال- اتحاد فلاحين- غرف الصناعة والتجارة – الأحزاب والقوى السياسية والوطنية وآخرين)، للوصول إلى حلول للخلاص من الأزمة ومن أجل إعادة الإعمار.

– التخلي عن النهج الليبرالي في الاقتصاد.

– استثمار موارد الدولة ملكية وإدارة وإشرافاً من قبل الدولة مثال (محطة الحاويات في مرفأي طرطوس واللاذقية) معامل الأسمنت تشغيل المشغل الخليوي الثالث.

– مواجهة ومحاربة الفساد بشتى أشكاله وصوره.

– إعادة النظر بآلية وعمل المصرف المركزي بما يحافظ على قيمة الليرة السورية من جهة وتقوية الاقتصاد الوطني من جهة أخرى.

– وضع جميع التسهيلات لخدمة القطاع الصناعي والزراعي بشقيه الحيواني والنباتي للمساهمة بعملية الإنتاج وتأمين السلع وفرص عمل جديدة خاصة في المناطق الآمنة.

– إعادة الدور لمؤسسات التجارة الخارجية والداخلية لتأخذ دورها في تأمين السلع الضرورية لحياة المواطنين، منعاً لتلاعب المحتكرين وتجار الحروب بقوت الشعب.

– إعادة النظر بالرواتب والأجور وضرورة ملاءمتها لواقع السوق والأسعار.

– تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع جبهة الأصدقاء.

العدد 1107 - 22/5/2024