تقرير التنمية البشرية 2014: المخاطر والتحديات

هدر الأرواح لم يتوقف، وسبل المعيشة لا تزال معرضة للخطر، ومسارات التنمية عرضة للتعثر، إما بفعل كوارث طبيعية أو إجراء أزمات من صنع الإنسان.

على هذه الخلفية يتناول تقرير التنمية البشرية 2014 قضيتي درء المخاطر وبناء المنعة من منظور التنمية البشرية، معتمداً نهجاً محوره الإنسان، فيولي اهتماماً خاصاً للفوارق داخل البلدان وفي ما بينها، محدداً الأفراد والمجموعات الأكثر عرضة للمخاطر، ومن هؤلاء الفقراء حيث لا يزال هناك، برغم التقدم الحاصل في الحد من الفقر، 2.2 مليار شخص، يعانون من الفقر المتعدد الأبعاد، ولا يزال 80 في المئة من سكان العالم يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية الشاملة، بينما يعيش 1.2 مليار شخص على أقل من 1.25 دولار في اليوم.

وثمة مخاطر اقتصادية متمثلة في البطالة، إذ من المتوقع أن يتجاوز معدل البطالة 11 في المئة في فرنسا، وأن يقارب 12.5 في المئة في إيطاليا، و28 في المئة في إسبانيا واليونان، وأن يناهز عدد العاطلين عن العمل من الشباب 60 في المئة في إسبانيا. وبصورة إجمالية، بات اليوم 200 مليون عاطل عن العمل في مختلف أنحاء العالم.

ووفق التقرير، لا تزال مشكلة عدم المساواة من المشاكل المتجذرة والمزمنة التي تلقي بثقلها على التنمية، ما يحد من الخيارات ويضعف النسيج الاجتماعي. فلا تزال التفاوتات الكبيرة في الثروة والتعليم والصحة وغيرها من أبعاد التنمية البشرية تعرّض الفئات المهمشة للمخاطر، وتقوّض قدرتها على التعاطي مع الصدمات الاقتصادية والكوارث البيئية. فقد بلغ متوسط عدم المساواة في الدخل 23 في المئة عام 2013 بعدما كان 21 في المئة عام 2010. وفي الصحة بلغ عدم المساواة 37 في المئة في جنوب الصحراء الإفريقية و25 في المئة في جنوب آسيا.

وتفيد التقديرات بأن ثلثي سكان العالم الفقراء يحصلون على أقل من 13 في المئة من الدخل العالمي، بينما ينعم الأغنياء ونسبتهم 1 في المئة بنحو 15 في المئة من هذا الدخل، وتعادل ثروة 85 شخصاً من أثرياء العالم ما يملكه نصف سكان العالم الأشد فقراً، بأن العولمة تنذر بفجوات جديدة تضاف إلى الفجوات الكبيرة القائمة على صعيد الثروة.

وتعاني المرأة من شتى أشكال الحرمان والتمييز في الصحة والتعليم والعمل. فمن خلال مقارنة أرقام دليل التنمية بشكل منفصل للإناث والذكور في 148 بلداً، يظهر أن متوسطات دليل التنمية للإناث أدنى بنسبة 8 في المئة من متوسطات دليل التنمية للذكور.

باختصار، من منظور التقرير، أن ضمان الحصول على الحماية الاجتماعية وعلى الخدمات كالصحة والتعليم وعلى فرص العمل في الدول الضعيفة، قضية بالغة الأهمية، وهي من أكبر التحديات الإنمائية، ويمكن أن يكون للتقاعس عن ذلك عواقب على الأمن والاستقرار والرخاء على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، لكن النظام الدولي في مأزق يحد من القدرة على العمل في إطار جماعي دولي شامل على مختلف القضايا المطروحة.

العدد 1105 - 01/5/2024