التعليم المهني والتقني بين الاستخفاف والأهمية

 دائماً، عندما نتوجه بسؤال لأي طفل: ماذا ترغب أن تصبح في المستقبل؟ تكون الإجابة (طبيب أو مهندس أو صيدلاني) وطبعاً لا نسمع من أي طفل أنه سيصبح صاحب حرفة أو مهنة، وإن دلّ هذا على شيء، فإنه يدل على نظرة الاستخفاف الموروثة عن الأهل بخصوص التعليم المهني والتقني، مع العلم أنه في معظم دول العالم يولى هذا التعليم الأولوية، لأنه يسهم في تدريب جيل الشباب، وبالتالي اكتساب الخبرات العلمية والفنية، وبعده يجري يتم إلحاق الخريجين بسوق العمل.

يبقى السؤال هنا: ما الذي يجب أن تفعله وزارة التربية لتغيير النظرة الخاطئة من الأهل والطالب إلى هذا التعليم.؟

على وزارة التربية أولاً أن تجعل لهذا التعليم مكانة هامة عند الطالب من خلال معدل العلامات التي تحددها للدخول في الثانويات والمعاهد المهنية والتقانية، ومن ثم تدريبهم وتأهيلهم بشكل علمي جيد، وتأمين فرص العمل المناسبة لهم في القطاعين العام والخاص. كذلك افتتاح كلية للعلوم التطبيقية تستوعب الخريجين الجدد من الثانويات والمعاهد، من خلال مفاضلة مدروسة، هنا حتماً ستمحى النظرة الدونية لطالب التعليم الصناعي والمهني والتقني، ورويداً رويداً ستنضج نظرة الأهل والمجتمع إلى هذا التعليم، فالمقدمة الصحيحة والحل السليم يوصلنا إلى نتائج صحيحة. كذلك لا يمكن أن يغيب عن بالنا وجود مخابر وورش مجهزة بكل ما يلزم لتدريب الطلاب وتأهيلهم بإشراف مختصين، وتشجيعهم بتسويق منتجاتهم المتميّزة للحصول على مردود مادي لقاء جهودهم.

وعلينا ألاّ نتجاهل ضرورة وضع مناهج دراسية متطورة تواكب آخر التطورات العلمية والصناعية، ورفع مستوى المدرسين لكي يكونوا مواكبين للعصر في العلوم الحديثة، مع الأخذ بعين الاعتبار تكنولوجيا العصر الحديث والتقنيات الإلكترونية والكهربائية، كما أنه من الضرورة الانتباه إلى أن الأعداد الكبيرة المقبولة في التعليم المهني والتقني والصناعي من المستوى المتدني يسيء إلى هذا التعليم، وبالتالي سيكون الطالب فاشلاً بالمدرسة وسوق العمل معاً، لذا لابدّ من وجود طلاب بمستوى الجيد في المرحلة الثانوية، لكي نحظى بالنخبة في الكليات عبر مناهج تعمل على رفع مستوى نظرتنا جميعاً إلى هذه العلوم والاختصاصات، من خلال جعلها مواكبة لما توصل له العلم في الدول المتقدمة. كما علينا ألاّ نتجاهل أن التعليم المهني والتقني والصناعي مُكلف أكثر من التعليم العام وبحاجة لأجهزة وأدوات متطورة في المخابر الموجودة في الثانويات والمعاهد، لذلك على الدولة أن تسعى للتجانس مابين سوق العمل والحاجة إلى خريجين جدد يرفدون ويطورون سوق العمل والمهن الأساسية فيه، وبالتالي لابدّ من ضرورة التركيز على النخبة والمستوى الجيد من الكوادر البشرية لإلحاقها بسوق العمل وهذه مهمة وزارة التربية.

العدد 1105 - 01/5/2024