وقدة الشتاء المفضلة
الساعة الواحدة ظهراً.. موعدُ خلوتي مع كتابي الإلكتروني، وفنجان قهوتي الصباحي. لا تستغربوا.. فهذا موعد زيارة الحبوبة: كهرباء.. الذي يترافق مع موعد استيقاظ (واحد عطّال بطّال) لا عمل له في هذا الزمن الأغبر.. إلا القراءة).. في هذا الوقت شرَّفني أحد الأصدقاء بزيارته، قاطعاً عليَّ خلوتي، ليُفرغ ما بجعبته. فلم أجد مناصاً مِنْ سماعه: هل صار بمقدور الإنسان العادي.. مُتعلماً كان أم لا.. أن يصنع الكيماوي.. لا بل وينشره حول منزله والبيوت المجاورة.. ومِنْ دون أي اكتراث أو محاسبة من أحد؟!
تابع الصديق حديثه، ومن دون انتظار لأي جواب: البارحة سألت جارنا، عن سبب الروائح الغريبة والكريهة، المُنبعثة من داخونة منزله؟! فأجاب منذهلاً: (أستاذ مثل إحسانك، ولا يعرف وقدة الشتاء المُفضلة)؟!
سألته: عن أية وقدة تتحدث يا جار؟ وما هي مكوناتها.. لم تُشفَ أسرتنا من المرض.. مُذ اشتغلت داخونة منزلكم!
ابتسم ساخراً وقال: لا تُخطئ يا صاحبي، هذه الوقدة تُضاف إلى الحطب لتسريع اشتعاله.. تدوم لفترة أطول، وتنشر دفئاً لا مثيل له.
ثم راح الجار يصف لي الميزات الفنية والتعبوية لتلك الوقدة.. مكوناتها بسيطة جداً، ومتوفرة لدى الجميع. شحاطات بلاستيك قديمة.. دواليب سيارات.. أو أي شيء مصنوع من البلاسيتك، مُنتهي الصلاحية.
وعند إخباري له بأن هذه الوقدة اللعينة، سببٌ رئيس في أمراض الشتاء أولاً، وفي انتشار السرطانات ثانياً. انفجر قائلاً:
دعك من كلام الأطبّاء والمُتفلسفين.. فالأقدمون لم يتركوا أمراً إلا وأوضحوه بـِمَثَل فقد قالوا: (إن البرد سبب كل علة) ولم يقولوا (الشحاطات سبب كل علة).
أنهى الصديق المحاورة القيَّمة التي دارت بينه وبين جاره، مُنتظراً منّي تعليقاً أو نصيحةً (تفشُّ خلقه) دون جدوى.. غير أني أناشدكم بالله، أن تنصحوا هذين الجارين وترشدوهما إلى الصواب، بإخبارهما أيهما أفضل: أن يموتوا من البرد أم من سرطانات الشحاطات؟!..