رؤى الشباب عنوان مستقبل سورية

الشباب هم نسغ الحياة والحضارة وتطورها، هم العمود الفقري لكل المجتمعات التي لولا حضورهم لانقرضت، أو في أحسن الأحوال لبقيت ترتع في كهوف مغلقة وعصية على الاستمرار الصحيح والسليم، ذلك أن الشباب يتمتعون بحيوية دافعُها ما يمتلكون من صفات ومكونات نفسية وعقلية وبيولوجية/ جسدية، تؤهلهم للمغامرة واقتحام المجهول، بفضول أزلي وسعياً وراء المعرفة بكل مجالاتها واتجاهاتها.

انطلاقاً من هذا، فإن أيّ مجتمع أو حكومة أو تيارات سياسية ودينية وووو الخ، تُهمِل أو تُهمّش هذه الشريحة الهامة، فإنها لا شكّ تحكم على ذاتها وأفرادها بالتخلف وربما بالاندثار، والعكس صحيح تماماً.

ولهذا، نجد أن المجتمعات المُتحضّرة قد أولت الشباب اهتماماً خاصاً ومُكثّفاً من أجل أن تبقى في صدارة الحضارة والتطور، إذ إنها منذ مرحلة الطفولة تعمل على إعداد الأجيال إعداداً يؤهلهم للإبداع والتميّز والعطاء خدمة لأنفسهم ومجتمعاتهم.

وإذا ما توقفنا عند الشباب السوري ما قبل الحرب، نجد أنهم كانوا دائمي السعي لاقتحام مختلف المجالات والإبداعات، لكنهم غالباً كانوا يجدون التهميش والإهمال والتنكّر لحقهم في العمل والحياة الطبيعية، كما سواهم من باقي شباب العالم.

أمّا خلال سنوات الحرب السبع فقد لاقى شبابنا ما لاقوه من مختلف تبعات الحروب، كالقتل والخطف والاعتقال والاستشهاد والهجرة وووو الخ، ومن بقي سعى بكل ما أوتي من خبرات وإمكانات للعمل ضمن فرق تطوعية، لأجل أعمال الإغاثة أو المساعدة للأسر النازحة والمهجّرة، وهكذا كان حضور الشباب قوياً مؤثّراً وفاعلاً، بشكل يستحق معه كل الدعم والالتفات إلى ما يطمح إليه في سورية المستقبل.

وكُنّا في صحيفة (النور) نولي تلك الشريحة اهتماماً فأُفردت لهم فيها صفحة كاملة يطرحون من خلالها أوجاعهم وأحلامهم ورؤاهم في الوقت ذاته، إيماناً منها بأنهم البوصلة التي تُصحح أو ترفد كل الجهات الرسمية والحكومية خاصة، برؤىً، إن أُخذ بها أصبح الانطلاق إلى الأمام سهلاً، وكُنّا قد طرحنا ملفاً نستطلع من خلاله آراء الشباب حول دورهم في عملية التنمية والبناء، واستكمالاً له نطرح اليوم رؤى أولئك الشباب حول مستقبل سورية ما بعد الحرب وكيف يرونه ويأملون، علّ صدى أصواتهم يصل إلى مسامع المعنيين والمسؤولين في الحكومة ومختلف التنظيمات والجهات المعنية بهم.

العدد 1105 - 01/5/2024