مجلس الأمن يتبنى قراراً بشأن آلية تحقيق في الهجمات الكيماوية في سورية

 صوّت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على مشروع قرار بشأن تشكيل آلية لتحديد المسؤولين عن استخدام المواد الكيماوية، بما في ذلك الكلور، خلال النزاع في سورية.

وتبنى المجلس القرار بعد تصويت جميع الدول الأعضاء الـ 15 في مجلس الأمن، خلال جلسة الجمعة الـ7 من آب.

وجاء في القرار: (المجلس يدين بشدة استخدام كل المواد الكيماوية السامة، مثل الكلور، كسلاح في الجمهورية العربية السورية)، وقرر المجلس (إنشاء آلية مشتركة للتحقيق) بمشاركة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية (لمدة سنة واحدة مع إمكانية التمديد إذا لزم الأمر). ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقديم توصيات في غضون 20 يوماً حول تشكيلة وصلاحيات آلية التحقيق (لمعرفة الأفراد والكيانات والجماعات أو الحكومات) المتورطة في أي هجمات كيماوية في سورية.

وقال فيتالي تشوركين مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة إن موسكو تأمل في إقامة تعاون بين بعثة التحقيق المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة من جهة، وأطراف النزاع السوري من جهة أخرى. وقال في كلمة له خلال اجتماع مجلس الأمن: (إننا ننطلق من أن القرار الذي اتخذ اليوم يحمل طابعاً استباقياً، قبل كل شيء، ويضع حاجزاً آمناً يحول دون الاستخدام مستقبلاً للمواد الكيميائية السامة في سورية)… والجانب الروسي يأمل في أن تعمل البعثة بصورة مهنية وموضوعية وعلى مستوى مهني عالي، وأن لا تنحاز إلى طرف على حساب آخر).

وأضاف تشوركين أن عمل البعثة بنجاح داخل سورية يتوقف على قدرتها على بناء علاقات مع مختلف الأطراف، قائلاً: (نحن واثقون من أن دمشق ستقدم الدعم الضروري لبعثة التحقيق المشتركة وبعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لكشف وقائع محتملة لاستخدام غاز الكلور، وننتظر من المعارضة أن تحذو الحذو نفسه).

وأكد الدبلوماسي الروسي أن القرار يبرز الجهود المشتركة لموسكو وواشنطن.

من جانبها قالت المندوبة الأمريكية سامانثا باور: (الهجمات الكيماوية في سورية ما زالت تحدث رغم أن استعمال تلك الأسلحة انتهاك للقانون الدولي، حسب تقارير وشهادات لضحايا تؤكد ذلك).

وأضافت باور (نسعى إلى محاسبة المتورطين في الهجمات، وهذا ما سيقوم به المحققون الذين سيجمعون الأدلة حتى نتعرف على الأفراد والكيانات أو المجموعات التي تقف وراء الهجمات). وذكر المندوب الصيني أن بلاده تدعم التحقيق في مسألة استخدام الكيماوي، قائلاً: (الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، نعارض استخدام الكيماوي ضد أي طرف ونؤيد تحقيقاً منصفاً بهذا الشأن).

على الصعيد نفسه رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقرار مجلس الأمن الدولي، بشأن تشكيل آلية لتحديد المسؤولين عن استخدام المواد الكيماوية في سورية.

وقال بان كي مون إن مهمة هذه البعثة (ستكون صعبة للغاية بسبب الوضع الأمني الخطير في البلاد، والذي سيؤثر بالتأكيد على عملها).

وأضاف (أن تعاون جميع الأطراف، ومن ضمنها الحكومة السورية، سيكون ضرورياً بالتأكيد لتحديد المسؤولين عن الهجمات الكيماوية، ويتطلب تعاوناً فعالاً من قبل المجتمع الدولي).

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اعتبر يوم الخميس أن واشنطن وموسكو توصلتا إلى اتفاق حول مشروع قرار لوضع آلية لتحديد المسؤولين عن استخدام السلاح الكيميائي في سورية.

وقال كيري تعليقاً على محادثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في كوالا لمبور: (لقد تحدثنا أيضاً عن قرار مجلس الأمن الدولي، وأنا أعتقد بالفعل أننا اتفقنا على أن يتم التصويت عليه بأسرع ما يمكن)، مشيراً إلى أن هذا (سيؤسس آلية مساءلة لم تكن موجودة) سابقاً.

ميدفيديف: السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في سورية هو الحل السياسيلافروف: عـــلى أمريــكا التعـــاون مـــع الأســـــد لمحـــــاربــــــة داعـش

 أكد رئيس الحكومة الروسية ديمترى ميدفيديف أن السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في سورية هو الحل السياسي بين السوريين أنفسهم دون أي تدخل خارجي.

وقال ميدفيديف في حوار مع صحيفة الأهرام المصرية عشية مشاركته في احتفال توسيع قناة السويس: إن (موقف روسيا ثابت من هذه الأزمة، ومن المهم أن تكون التسوية مبنية على أساس بيان جنيف الصادر بتاريخ 30 حزيران لعام 2012 والذي حدد جميع الخطوات الضرورية بوضوح، كما أن أي تدخل خارجي هو أمر غير مقبول وعلى السوريين أنفسهم أن يقرروا من سيدير شؤون بلادهم ولا أحد يملك الحق في أن ينوب عنهم في اتخاذ مثل هذا القرار).

وشدد ميدفيديف على أن روسيا عازمة على الاستمرار في مساعدة الشعب السوري بهدف حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ووقف العنف بأسرع وقت ممكن، مضيفاً: إن موسكو تتواصل على الدوام مع ممثلي الحكومة والمعارضة وتبذل ما في وسعها لخلق مناخ ملائم للحوار الوطني فيما بينهم، وفي هذا السياق جرت في شهري كانون الثاني ونيسان الماضيين لقاءات تشاورية بمشاركة الطرفين ونحن على استعداد لمواصلة تنظيم مثل هذه اللقاءات التي يجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تسوية ناجحة للأزمة.

وأوضح ميدفيديف أن جهود دولة واحدة لا تكفي لمواجهة ناجحة للشر العالمي الجديد المتمثل بالإرهابيين الدوليين من تنظيم (داعش) و(جبهة النصرة) والمجموعات الأخرى مبيناً أن مكافحتهم تتطلب توحيد الجهود المشتركة لجميع الدول والتعاون فيما بينها على أساس التقيد الصارم بمبادئ وقواعد القانون الدولي وبضمن ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وعدم التقيد بازدواجية المعايير.

وقال ميدفيديف: (إن روسيا ترفض التدخل في شؤون البلدان الأخرى من خلال استغلال المجموعات المتطرفة بحجة تحقيق أهداف جيوسياسية وهذا يؤدى إلى نمو قوى متطرفة إرهابية جديدة).

وأضاف ميدفيديف: (إن التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش تأسس دون موافقة مجلس الأمن الدولي وطالت عملياته الأراضي السورية من دون موافقة هذا البلد، وهذا يخلق شكوكاً كبيرة فيما يتعلق بشرعية هذه العمليات كما أن الغارات الجوية التركية الأخيرة على العراق لا يمكن إلا أن تثير تساؤلات مماثلة).

وأشار ميدفيديف إلى أن الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة السداسية يشكل ضمانة للسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ويسمح لإيران بالعودة إلى إطار التعاون السياسي والاقتصادي الطبيعي مع المجتمع الدولي.

من جهة ثانية، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه يتعين أن تتعاون الولايات المتحدة مع الرئيس السوري بشار الأسد في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب تحالفاً دولياً يضم جميع من يمثل لهم الجهاديون (عدواً مشتركاً).

وتقود الولايات المتحدة حالياً تحالفاً يشن ضربات جوية على الدولة الإسلامية في سورية والعراق، ويتعاون مع تركيا لتوفير غطاء جوي لمقاتلي المعارضة داخل سورية.

لكن موسكو انتقدت الولايات المتحدة لعدم قيامها بالتنسيق مع سورية حليفة روسيا.

وفي تصريحات للتلفزيون الحكومي الروسي نشرتها الخارجية الروسية يوم الأحد، تحدث لافروف عن اجتماعين مع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري وسط الاتصالات الدبلوماسية المكثفة عالية المستوى في الآونة الأخيرة بشأن سورية ومحاربة الجهاديين.

وقال لافروف: (يرفض شركاؤنا الأمريكيون وبعض دول المنطقة بإصرار الاعتراف بالأسد بوصفه شريكاً وهو أمر غريب إلى حد ما).

وقال: (كان الأسد شريكاً شرعياً كاملاً في تدمير الأسلحة الكيماوية، لكنه ليس كذلك إلى حد ما في محاربة الإرهاب)، وذلك في إشارة إلى اتفاق نزع الأسلحة الكيماوية الذي توسطت فيه موسكو وواشنطن في مراحل سابقة من الصراع.

وتقول الولايات المتحدة وحليفتها السعودية والمعارضة السورية وجماعات مسلحة تؤيدها هذه الجهات إنه يتعين رحيل الأسد ولا يريدون التعاون معه لأنه قد ينظر إلى ذلك بوصفه إضفاء للشرعية على موقفه.

تحالف مقترح

ومن المقرر أن يبحث لافروف الوضع في سورية والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية مع نظيره السعودي عادل الجبير في موسكو يوم الثلاثاء. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف سيبحث (التنسيق بشكل أكبر فيما يتعلق بأسواق الطاقة العالمية).

وقال لافروف في التصريحات التي نشرت يوم الأحد إنه أبلغ كيري بأن ثمة مخاطر كبرى بأن تصيب الضربات الجوية في سورية أهدافاً خاطئة ما يفاقم الصراع.

وقال لافروف: إن التحالف الذي تقترحه روسيا (سيضم جميع الذين يقاتلون على الأرض بالفعل) ممن يعارضون الدولة الإسلامية.

وذكر بالاسم الجيشين السوري والعراقي (والقطاع من المعارضة المسلحة الذي يمثل السوريين).

وقال لافروف: (بدلاً من تصفية الحسابات بين بعضها البعض يتعين في بادئ الأمر التعامل مع الخطر المشترك ثم السعي عندئذ للاتفاق على كيفية العيش في بلادها).

العدد 1107 - 22/5/2024