بوسع أنظارنا أن تُحلّق فوق النجوم

الجدّ والاجتهاد غير مفارق أبداً للرضا والقناعة. فالقناعة تبقى كنزاً لا يفنى والرضا والإيمان معينان لا ينضب فيضهما، والتماشي مع الواقع وتفهّم ظروفه ومعوقاته يجب ألا يعني أبداً ثنينا عن الطّموح والتطلّع إلى الأفق، واستغلال الفرصة والوقت للتزّود بالعزيمة بغية تطوير الواقع والحال لتحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه، فالرضا بواقع معيشي ما، لا يكون بتكريس التقاعس، وتقبّل رداءة جانب من جوانب الحياة فيه وكأنه قدر رازح فوق الصدور لا يمكن إعادة إنتاجه، أو مصيراً لا يمكن تخليقه، فالرضا بالعيوب والنّواقص لا يكون رضاً وذكاءً عاطفياً وإنما بحالة التأني والهدوء والسعي للتغيير التدريجي سعياً للطموح نحو الأفضل، إنما هذا هو جوهر الرضا وغير ذلك يكون خنوعاً وقبولاً مُذلاً ومُهيناً لجوهر الإنسان، وإنكاراً وقحاً للياقة العقل البشري وفطرته الأصيلة لابتغاء الأفضل دائماً.

فالولادة في قفص لا تعني أن الطيران جرم، والإعاقة لا تعني استسلاماً، وإنسان لا يسعى دائماً لتحقيق الأفضل، لا يمكن أن يكون طبيعي الوعي والنشأة. فالقبول المؤقت بالواقع يجب ألا يتعداه للانصياع لأحكامه، وقبولها أبداً وهذا جوهر الرضا، فهيبة صعود القمم تبقي على الهامات والقيمة دون الحفر، وإن كانت أقدامنا تلامس التراب، فبوسع أنظارنا أن تُحلّق فوق النجوم. 

العدد 1107 - 22/5/2024