جمعية العلوم الاقتصادية فرع اللاذقية تحتفـل بالعيـد الذهـبي للجمعية الأم

 خاص «النور»

 عقدت جمعية العلوم الاقتصادية فرع اللاذقية أولى ندوات ملتقاها الاقتصادي الحواري التفاعلي، في المركز الثقافي العربي بعنوان(التضخم واندثار الطبقة الوسطى)، وسط حضور نخبوي غني ومتفاعل وشامل لأغلب ألوان المجتمع السوري وضيوف زادوا الحوار تألقاً وغنى.

 بدأت الندوة بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً للدماء السورية الطاهرة التي روت تراب الوطن، وبعد ذلك تحدث رئيس الجمعية الدكتور سنان علي ديب عن الدور البناء لجمعية العلوم الاقتصادية التي تأسست عام 1965 في تقديم الدراسات والقراءات المجانية للدولة السورية عبر باحثين وأكاديميين مميزين تبوأ الكثير منهم أهم المناصب في سورية.

ثم تطرق إلى أن منبر الجمعية كان وسيبقى منبراً وطنياً حراً يقرأ الواقع ببياضه وبسواده، يشخص الأمراض ويضع الحلول المناسبة. وأكد د.ديب أن النهج الاقتصادي الذي سبق الأزمة كان خروجاً عن مصطلح سوق الاقتصاد الاجتماعي الذي أقره المؤتمر العاشر لحزب البعث، هذا الحزب الذي كانت لمنجزاته وبرامجه وسياساته دور في الصمود الاقتصادي لسورية، هذه البرامج والسياسات التي أنتجت سابقاً طبقة وسطى متجانسة ومتناغمة، وفق قطاع عام قوي وأمن غذائي وصناعة سياحية وتحويلية وخدمات تعليمية وصحية مجانية، إلا إن سياسات حكومة العطري التي استمرت خلال الأزمة عبر الفريق الاقتصادي الذي كان يقوده أشد معارضي نهج الدردري، قد أدت لتهشيم هذه الطبقة لتكون الأزمة سبباً في اندثارها.

ثم تحدث النقابي علي ريا، بالتفصيل عما سببته الأزمة من نقص للعرض من السلع والأدوات من خلال الحصار وتقليص الأراضي المسيطر عليها، الأمر الذي أدى لنقص في المحاصيل، ثم نقص بالعرض، وكذلك سيطرة المسلحين على منابع الثروة النفطية، وكذلك سوء أداء مؤسسات التدخل الاقتصادي وضعف دور مؤسسة التجارة الخارجية، ملمحاً لدور السياسة النقدية السلبي في حماية الليرة وبالتالي ضعف سعر الصرف مقابل الدولار.

 الأستاذ عبد الهادي شحادة تحدث عن أهمية الطبقة الوسطى التي تتكون من مثقفين وسياسيين وأكاديميين وفنانين ورجال دين في الحفاظ على توازن البلد وقوة مواجهته لأي عدوان، ولكن التفريغ المنظم لها ودورها السلبي قد انعكس سلباً على قدرة البلد على مواجهة الأزمة. وتكلم الأستاذ نواف حبوب عن الفساد المتمثل بحيتان مفترسة سلبت روحية المؤسسات مما أدى لفيضان الدماء والدمار، وبالتالي الأهم الآن بمعزل عن هؤلاء حماية البلد وتقوية المؤسسات.

وتحدث الدكتور وائل منصور ناقداً المتحدثين ومدعياً أن الطبقة الوسطى لم تندثر وأنها ظاهرة وكبيرة، وكان الرد من رئيس الجلسة أن المكتب المركزي للإحصاء في عام 2005 قد قدر حاجة الأسرة المؤلفة من 5 أشخاص بنحو30 ألف ليرة. والآن زادت الأسعار بنحو 6 أضعاف وأكثر وبالتالي أصبح المبلغ المطلوب نحو 180 ألفاً، في ظل نزوح داخلي لنحو 7 ملايين، وبطالة أكثر من نصف الشعب السوري، وعندما نتكلم لا يعني أننا في هذه الظروف نعتب أو نزاود، لأننا في هذه اللحظات ننسى جراحنا أمام المهمة الأكبر وهي الحفاظ على وحدة سورية ووحدة شعبها، ولا وقت للتنظير أو لمنع الرأي الآخر وخاصة في ظل أفق حرية مفتوح، ولكن البعض يريد أن يضع موانع أمام ما هو مسموح به ومرحب به،

 ولكن لا يمكن لأي مؤسسة أن تدفع أحداً للنقد المبرمج، وإنما هو واجبنا نحن من نسعى لعودة سورية قوية ونشفي الجراح. ثم تكلم الأستاذ نهاد بدور (من أهم شخصيات المصالحة) عن ضرورة التعاون والسعي لكبح تجار الأزمة الذين لا يقلون سلبية عن تجار الدماء. وبعده تكلمت السيدة ميس كريدي عن أهمية ربط الاقتصاد بالسياسة لتكوين ثنائيات جدية بالعملية السياسية، وتكلم الشيخ عيسى غدير عن أهمية تكامل المجتمع بكامل فئاته وألوانه لمواجهة الإرهابيين الاقتصادي والعسكري شاكراً للجمعية دعوتها لنخب تمثل أغلب الشرائح ولا تلغي أياً  كان. وتساءل الباحث عبد الله عباد: هل الأزمة هي السبب الوحيد لاندثار الطبقة الوسطى أم أن الموضوع سابق للأزمة، وذلك بالخروج عن مقررات المؤتمر العاشر.

 وختم الدكتور سنان الندوة بتأكيد أنه في الظروف الصعبة لا يقف مع البلد إلا الوطنيون الحقيقيون، وأنه لا مكان للتخندقات الحزبية أو أي تخندقات أخرى، فكلنا لسورية والعمل الآن لوحدة سورية ووحدة شعبها، وأن تناسي الآلام والجراح ضروري في هذه اللحظات التاريخية، ومهما حاول المعرقلون فإن عودة روحية المؤسسات وقوتها هي الأهم لنا جميعاً، هذه المؤسسات التي سمحت لمنبرنا بأن يكون حراً ولا تسمح لأي كان بتقييده.

العدد 1107 - 22/5/2024