ليسوا جميعهم مُعَنـِّفين للمرأة

 إن العنف الواقع على المرأة لا شكّ صادر عن أحكام مجتمعية- ذكورية أسرية وفق المنظور الخاص لهذه المرأة، على اعتبار أن شرف الأسرة ومستقبل الجميع مرهون بمدى طهارتها ونزاهتها، لكن ليس من الضروري أن تكون أحكام الرجال جميعاً واحدة حيال سلوك وحقوق المرأة، فهنالك الكثير منهم جعل من قضية المرأة وحقوقها قضيته الهامة كغيرها من قضايا يناضل من أجلها، فيكون الشفيع والمناصر لها ضدّ أحكام أطلقها رجال آخرون، والكثير من الرجال وقف عند قضايا مصيرية تمس المرأة بشكل مباشر، مثل الزواج وخاصة إذا كان من خارج الطائفة، واعتباره حقاً من حقوقها لاسيما إن كان مقروناً بالحب. كذلك مسالة الشرف (العذرية) و(إن كانت بنسبة ضئيلة ومازلت على نطاق جداً ضيق، فقد تجاوزها القليل واعتبر أن للمرأة مشاعرها مثلها مثل الرجال وبحاجة إلى الجنس وإن لم يكن هناك زواج، حتى على صعيد الأسرة نجد أن هناك أخاً يكون أكثر مرونة من غيره من الإخوة (بيت سر أخواته) حتى وإن لم يكن متفهماً على كل الأصعدة، لكن يبقى تفهمه لأخواته شيئاً إيجابياً لخطوة مستقبلية. أيضاً الأب نفسه في بعض الأُسر يمتلك عقلية منفتحة أكثر من أبنائه الذكور، ويكون السند والفصل في بعض الأمور المتعلقة بالإناث ضمن الأسرة كالتعليم والعمل وحتى الإرث.

ومن خلال العمل في منظمات العمل المدني، نرى أن هناك رجالاً هم أنفسهم أصدق بالوقوف إلى جانب المرأة وقضاياها من المرأة نفسها، لأنهم يعتبرون أن من واجبهم أن يسلطوا الضوء على بعض الفجوات عند بعض الذكور بحق المرأة، على اعتبار أنهم يجالسون رجالاً آخرين بعقلية مختلفة، ويستمعون إلى ما يتحدث به هؤلاء الرجال عن نظرتهم إلى المرأة، وعن طبيعة علاقتهم بها، مستخفّين بها لأنهم يعتبرونها للأسف جسداً فقط، وعلاقتهم بها تنحصر بالعلاقة الجنسية، وإن كان هذا طبعاً عند بعض الرجال، لكن ضمن مجتمعاتنا الشرقية تبقى قضايا المرأة وحريتها عند الكثير منهم مشروعة بعيداً عمّا يتعلق بالشرف والعذرية، لكِ الحق بالتعلم والعمل وعدم تعنيفك سواء بالكلام أو الضرب، لكن عليكِ أن تحافظي على عذريتك لأنها شرف العائلة. وإن اعتبر البعض من الرجال أنفسهم من أنصار المرأة لكن خارج نطاق الإفراط بشرفها، إلاّ أنها بالنهاية تبقى خطوة إيجابية أن جعلوا من مشاكل المرأة الحياتية وما يتعلق بالعنف والتشهير بشرفها قضية لهم، فكانوا خير مدافع عنها، محاولين التخلص من عقدة ذكورية موروثة، وهذا برأيي دليل على نواة نهضة حقيقية بمجتمع تحكمه عادات وتقاليد بالية بحق المرأة، وهؤلاء الرجال خير من تصدى لتعنيف المرأة واضطهادها أينما كانت.

العدد 1105 - 01/5/2024