جمعية العلوم الاقتصادية تناقش أثر قانون التشاركية..

 عقدت جمعية العلوم الاقتصادية جلسة لمناقشة قانون التشاركية، تحت عنوان (التشاركية ضرورة أم خيار)، وشهدت الجلسة تبايناً في الآراء والتحليلات بين الحضور، فمنهم من اعتبر قانون التشاركية سبيلاً لتخفيف العبء على الموازنة، ومنهم من لم يجد في التشاركية ضرورة.. أو خياراً.

وفي هذا السياق، رأى الدكتور نبيل سكر، الذي قدم ورقة عمل الجلسة أن (التشاركية موجودة في البلاد منذ 30 عاماً، من خلال مشاريع نفذت في السابق ضمن قطاعات السياحة والنفط والنقل والمرافئ)، مشيراً إلى أنه (لا بد من تنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص من خلال إيجاد تشريعات تنظم هذه العلاقة، وخاصة أن الحديث الآن يدور عن التشاركية في مشاريع البنى التحتية، والمعروف أنها مشاريع غير هادفة للربح، وإنما لتقديم خدمات، وهي تتطلب رأس مال كبيراً ومدداً زمنية طويلة للتنفيذ).

وقدم سكر ورقة عمل حول قانون التشاركية، لفت فيها إلى أن (السؤال عن كون التشاركية ضرورة أم خيار باعتبارها ضرورة أكثر منها خياراً، فقد كانت ضرورة قبل الأزمة والآن أصبحت ضرورة قصوى في ظل ظروف الأزمة، وبات من المفيد الاستفادة من تطور القطاع الخاص تقنياً وإدارياً)، مؤكداً أنه (إذا دخل القانون في مشاريع البنية التحتية فسيساهم في تقديم بنية تحتية جيدة، ما يتيح للدولة أن تركز على متطلبات إعادة الإعمار العقاري والاجتماعي والاقتصادي، وهو يحتاج إلى جهد مالي وبشري كبير)، لافتاً إلى أن (التشاركية ستخفف العبء على الموازنة العامة للدولة، بعد تدني موارد الدولة، فالخزينة لا تملك الأموال الكافية للقيام بمشاريع البنية التحتية بعد الأزمة).

وبيًّن سكر، أنه (أمام الدولة خياران، فإما الاقتراض من الخارج، وإما التشارك مع القطاع الخاص المحلي، وإلا فلن تكون هذه المشاريع قابلة التنفيذ، وسيكون البديل هو عدم تنفيذ هذه المشاريع وزيادة العجز والمديونية، ولذلك لا يمكن اعتبار تشاركية مشاريع البنى التحتية خطاً أحمر، ومن يرَها خطاً أحمر فليقدم البديل من التشاركية مع القطاع الخاص، ولدينا تجربة قريبة في لبنان الذي وصلت ديونه الخارجية إلى 75 مليار دولار وهو عاجز عن تسديدها).

وأضاف:(لا يمكن اعتبار التشاركية على أنها خصخصة، لأن أموال القطاع العام في هذه المشاريع ستعود في النهاية إلى الدولة مع نهاية عقد كل مشروع، وإن كانت بعض المشاريع يمكن أن تتحول إلى خصخصة، فيجب أن يكون ذلك بشكل مدروس وشفاف بحيث لا تشغل حيزاً من الكتلة النقدية في ميزانية الدولة، وهو أمر بات واقعياً بعد أن دخلنا السوق الاجتماعية وقبلنا بالقطاع الخاص شريكاً في عملية التنمية).

وتابع سكر، أنه (من الضروري إيجاد آلية قضائية مستقلة تكون قراراتها حاسمة ومستقلة لحل النزاعات في التشاركية)، موضحاً أن (قضاءنا الحالي غير كاف، إضافة إلى أهمية حماية المال العام من دخول الحيتان على الخط، ولذلك يجب تقوية مؤسسات الدولة على طرح العطاءات بشفافية، لمنع حيتان القطاع الخاص من احتكار هذه المشاريع، وألا يكون القطاع الخاص المحلي واجهة لشريك أجنبي معه).

الدكتور منير الحمش الباحث الاقتصادي المعروف عقّب قائلاً (التشاركية ليست ضرورة ولا خياراً، وإنما هي وسيلة للتغيير وإحدى حزم التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي وهيمنة الرأسمال، ولذلك يجب التشديد على أن تكون مشاريع البنى التحتية خطاً أحمر ممنوع المساس بها).

واعتبر الحمش، أن (القصد من قانون التشاركية هو استهداف البنية التحتية لأنها العنوان الرئيسي للاستقلال الاقتصادي، ولأنها بقيت كآخر القطاعات التي لم يدخل إليها القطاع الخاص، وهي التي تقدم الخدمات للمواطنين من دون مقابل أو بمقابل بسيط)، لافتاً إلى أنه (إذا تحولت إلى التشاركية فستصبح تستوفي من محصلي الخدمات مبالغ كبيرة لتغطية التكاليف وتحقيق الأرباح).

وأشار الحمش إلى أن أحد أعضاء البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ذكر أنهم (كان لهم يد في وضع بنود قانون التشاركية في سورية)، وأضاف أن (الحكومات السابقة وضعت يدها على الخدمات العامة لعلمها أنها تمثل السيادة الاقتصادية ولتقديم الخدمات للشعب بشكل متوازن، ذلك أن البنية التحتية متعلقة بالأمن القومي ويجب حمايتها ولدينا مثال في شركات البترول الأجنبية التي كانت تنفذ عقود الخدمة في سورية، وعند فرض العقوبات الخارجية استجابت لها وتخلت عن قطاع النفط وتسببت بخسائر كبيرة وعرضت الأمن القومي للخطر وانخفض الإنتاج).

وأضاف أن (الأزمة كشفت عن قطاع خاص جديد غير وطني، ومستغل وتاجر بالأزمة، على حين كان الجيل القديم من القطاع الخاص هو الوطني والملتزم بهموم الوطن ومشاكله ، وكان حاكم مصرف لبنان قد تحدث سابقاً عن 18 مليار دولار دخلت إلى مصارف لبنان من رجال أعمال سوريين غادروا سورية خلال الأزمة، وهو رقم أقل من الحقيقة، ولذلك فهناك مخاوف حقيقية من دخول تجار الأزمة ضمن عقود مشاريع التشاركية).

وتساءل عضو الجمعية بشار المنيَّر: لماذا البنية التحتية؟ هل لأنها تشكل مظهراً من مظاهر السيادة الوطنية..؟ وأوضح: نحن مع الشراكة الفاعلة بين القطاعين في جميع القطاعات الصناعية والزراعية، لكن لا نريد التفريط بملكية الدولية لمرافقها الاستراتيجية وبنيتها التحتية.. وقانون التشاركية يحوي مقدمات الخصخصة.

اتركوا المرافق العامة وشاركوا في الإنتاج.. والتداول.. والتصدير.. وختم قائلاً: (إن إعادة الإعمار تتطلب شراكة حقيقية مع القطاع الخاص المنتج لا مع الرساميل الطفيلية)

العدد 1107 - 22/5/2024