التربية المتوازنة أساس إنصاف المرأة

منذ الطفولة يوصي الأهل الأطفال الذكور بعدم تقليد الإناث في العديد من السلوكيات، ويجري تعزيز حس التفوق لدى الذكر، ومثال ذلك: (بكرا بتكبر بتصير رجال البيت_ حاجة تتمايع وتبكي متل النسوان_ كبّر عقلك وخليك رجال_ حاجة تنق وتلعي متل النسوان..). وحين يغضب أحد الوالدين في بعض المواقف يقول: (لو إني مخلّف بنت مو أحسنلي؟!). كل هذه المقولات وغيرها الكثير تعطي الذكر منذ صغره حس التفوق والشعور بأن الأنثى كائن أقل منه، فهو إن قصر بشيء أو أدى عملاً ما بشكل خاطئ يجري تشبيهه بالإناث أو بعض أصناف الحيوانات.

ويمكن للأنثى أن تساهم باندثار الأمثال الشعبية والمقولات التي تتمحور حول سلبياتها إن توقفت عن ممارستها مثل (النق والثرثرة وكثرة النميمة..إلخ) كما عليها إبداء الشجاعة وعدم التواكل والاتكال على الرجال..إلخ. وفيما تبقّى نحتاج إلى رفع عتبة الوعي الجمعي، خاصة أن الكثير من الرجال يرون في تفوق زوجاتهم عليهم في مجالات الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية أو العلمية دليل فشل وقصور فيهم، لأن المجتمع زرع في نفوسهم أن الرجال كائنات متفوقة على النساء، وبالتالي نجد الكثير من الرجال يتمنون النجاح والتألق لزوجاتهم لكن بما لا يفوق ما يمتلكونه هم من نجاح وتفوق. وحين يخشى الرجل تفوق المرأة فإنه يخشى من استقلاليتها سواء كانت ابنته أو زوجته أو شقيقته، وذلك لخشيته من ألعاب الغواية التي يبرع فيها الرجال عادة والتي قد تودي بهنَّ إلى نتائج غير محمودة. فالمرأة بشكل أو بآخر ضحية خشية الرجال عليها من طرائق تفكيرها وضحية خشية الرجال عليها من الرجال.

وأنا هنا لا أقصد تعميم هذه الحالة، لكنها موجودة في مجتمعنا، ولعلّ الأسلم أن تختار الفتاة زوجاً يمتلك وتيرة تطور في الشخصية تتناسب مع وتيرة تطور شخصيتها، كاقتران الجامعية بجامعي وعدم اقتران الفتاة المحبة للسفر والسينما والمسرح والروايات والتي تتحدث أكثر من لغة، بشاب يحب تمضية وقته في المنزل ولا يتمتع بمستوى ثقافي لائق. لكن مع الأسف نجد أن مظهر الشاب أو الفتاة أضحى يشكل عاملاً حاسماً في مسألة الزواج، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع، وهذا ربما ما يُفسر ارتفاع تلك النسب في العقود الأخيرة من الزمن.

العدد 1107 - 22/5/2024