من عفرين إلى باب توما.. دماء السوريين جارية

 منذ اندلاع الحرب السورية قبل سنوات سبع، كانت المصالح الدولية ناراً تحت الرماد في حكايتنا الدامية.. وما زالت التوازنات السياسية ومصالحها حتى اللحظة هي المُحرك الأساس والبند الوحيد الحقيقي على أجندة المفاوضات والمؤتمرات التي باتت أشبه بسلسلة حكايا كان يا ما كان!!

فالواقع الحالي، ومع بداية عام جديد كان شعاره عام الانتصار والسلام، يشي بأنه واقع مأساوي ترويه التحليلات السياسية والعسكرية، بالتزامن مع التهديدات المستمرة في عموم المناطق لاسيما الآمنة وشبه الآمنة منها، حتى بات الموت حتمياً وضريبة ضرورية عند التحضير أو البدء بأي مؤتمر يتعلّق بالمسألة السورية، وتغدو تلك المؤتمرات نذير شؤم لعموم السوريين الذين لم تعد تعنيهم تلك المؤامرات إلاّ بعدد الضحايا الذي ستحصده، وتكون النتيجة الوحيدة لها مع اشتعال مناطق كانت هادئة إلى وقت قريب في استباحة وقحة ليس للسيادة الوطنية فقط، وإنما لكل المعايير والأعراف والقوانين الدولية، وقبل كل هذا في استهانة فجّة وفظيعة بالدم السوري لم تشهدها أيٌّ من الحروب عبر التاريخ.

كل هذا يشي بأن التوازنات الدولية لم تنته بعد من رسم حدودها وخرائط تسلّطها في العالم على الساحة السورية، وكأن أصحاب المصالح لم يكفهم ما سال من دماء السوريين على مدى سبع سنوات، ولم يرتووا بعد، لا من دمنا ولا من نهمهم المحموم لنهب الحياة على أرضنا وسواها، ونحن السوريين وحدنا من يدفع ضريبة تلك التوازنات ما بين الدول الكبرى الساعية إلى رسم خارطة هذا العالم وفق ما تقتضيه مصالحها ومزاجها الاستعماري من أجل الفوز بتلك السيادة الهمجية. فها هي ذي عفرين اليوم تُضاف إلى قائمة المدن المنكوبة، بهمجية التركي ورغبته في بسط نفوذه على مناطق سورية بعد لواء إسكندرون.. وأيضاً ها هي ذي دمشق بمختلف أحيائها تدفع ضريبة أولئك الذين لا يريدون للموت والدمار في سورية أن ينتهي، فكان باب توما الأسبوع الماضي ساحة موت حقيقية، في أبشع صور الإجرام الذي طال المدنيين الأبرياء الذين يدركون أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، فباتوا كباراً وأطفالاً وكهولاً جثثاً تتقاذفها رياح الحقد والمصالح والسطوة.

أما آن لكم أن ترحلوا عن هذه الأرض، يا من زرعتم الموت والدمار في جنباتها؟!

أما آن لكم أن تُصغوا لصرخات المقهورين والمفجوعين وآخر زفرات الشهداء، فتستفيق لديكم بعض إنسانية اغتصبتموها فينا وفيكم؟!

كفاكم إجراماً! وكفانا موتاً! فنحن شعب يحب الحياة ما استطاع إليها سبيلا! 

العدد 1105 - 01/5/2024